أقلام حرة

متى كان الشعر ثرثرة!

fatimaalzahraa bolaaras2لم أكن أتصور أنه سيأتي زمن تنقلب فيه الموازين رأسا على عقب، ويتسرب الشك إلى كل الأشخاص والأشياء والمعتقدات، وحتى التاريخ والشعر والأدب ذلك الإرث الإنساني الممتع المبدع. وعلى حد علمي واعتقادي فإن الكلام هو الصلة التي تربط بين الناس' ولولا اللغة ماتعارفوا ولا تواصلوا وماتحابوا ولا تناصحوا ولا أبدعوا.لذلك أعجب ممن يقول عن الشعر أنه ثرثرة.

نعم هناك من كتب أن الشعر مجرد ثرثرة لست أدري لمن قرأت هذا الكلام:

*لاعظمة في الثرترة* وكان يقصد الشعر أو الأدب أو الكلام وهذا ليس مهما بقدرر ماهو مهم أن نسأل إذا كان الشعر الذي هو الحياه ثرثرة فما فائدة الحياة نفسها ؟ والغريب أن هذا القول جاء من شاعر شاب بدأ. يرسخ لشيء من( الثرثرة) في حياته.

لست أريد التفلسف كما أنني لا أستطيع ولا مهيأة لذلك لكني رغبت في التنبيه إلى أمور عديدة تؤكد أن الأدب هو الحياة. أما الشعر فهو قلبها النابض بها يعرش لها ظلا يلجأ إليه كلما ضاقت به السبل وعظمت المأساة.

الشعر ليس بوحا أونواحا وليس بكاء أو صياحا الشعرصلة وصل بين الشاعر وروحه وقلبه تصله بالمتلقي الذي سيجد هو الآخرنفسه فيما يسمع أو يقرأ، بصورة أو أخرى عند هذا الشاعر أو ذاك أو تلك الشاعرة وهذه.

لذلك لاينبغي أن نقول عن الشعر ثرثرة مهما كان نوعه أو مصدره لأن الثرثرة شيء سيء في أذهان الناس حتى لو كانت مليئة بالحكم أحياناً. ولو من باب الصدفة ، وكيف تكون الكلمة الطيبة صدقة إذن؟ كان بعض الشعراء يتكسبون من شعرهم' يغدق عليهم الأمراء والملوك نظير مدحهم لهم وهم' يعرفون جيدا أثر ذلك على السامعين ولو كان مدحا كاذبا .وكانت قصائد الغزل تتداول وتفعل فعلها في الناس وبسببها تتخذ قرارات ومواقف فمتى كان الشعر ثرثرة؟ وكذلك كان شعر الحماسة يفعل فعله في قلب الوطنيين ووجدانهم.

فمتى كان الشعر ثرثرة!

الشعراء يسجنون ويعذبون ويحاكمون' ولا زالوا من أجل مواقفهم فمتى كان الشعر ثرثرة؟ نعم قد يكون كذلك الآن عندما اختلط الحابل بالنابل.

عندما كثر الشعراء. وقل الشعر.

عندما بسطت الموائد وانعدمت الفوائد.

عندما أصبح الشعراء أغلبهم متشاعر.

والشواعر أغلبهن دخلن ميدان الشعر فضولا وتطفلا.

قد يكون الشعر كذلك لأن غربال النقد أعمى والناقد محابي أو مجامل أو مصابا بأمراض الجهوية والحزبية وغيرها من أدواء الشعر والأدب. التي هي أدواء الإنسان نفسه.

الشعر ثرثرة عندما لم يجد من يفضب للحرف ويكتب من أجل الكتابة لا من أجل زيد أو عمرو وحتى هذه الكلمات البسيطة التي أقولها خالصة لوجه الشعر والأدب قد لايهتم به أحد أو قد تؤول تأويلا خاطئا حسب كل ما ذكرته أعلاه وفي كل الأحوال ومهما كانت ردود الأفعال أو الإهمال فسيكون هذا وذاك ترسيخا لتلك الفكرة بأن الشعر لم يعد سوى ثرثرة أما الأدب فقد غادر أيكته منذ زمن بعيد تاركا أشجارها للجوائز المغشوشة والمهرجانات المشكوك في نواياها ومع ذلك ورغم البؤس واليأس فلا زال من يؤمن بأن الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . ومثل الكلمة الخبيثة كشجرة خيبثة ،ستجتث مهما طال بها المقام فما لها من أثر وما لها من قرار. .لأنه ببساطة شديدة سيذهب الزبد جفاء ويبقى في الأرض ماينفع الناس' ولا أعتقد أن الثرثرة مما ينفعهم.إلا إذا اعتبروا كل ما يكتب كذلك. وأعتقد أن المشكلة تبدأ من هنا ولا أستبعد أن بعض من يقرأ هذا الموضوع سيهز كتفيه ويقول أنه مجرد ثرثرة.

فاطمة الزهراء بولعراس

 

 

في المثقف اليوم