أقلام حرة

السيد السيستاني ...غصن زيتون اخضر

العالم المسلم الذي يحمل أفكار الإسلام وحكمة التعاليم السمحاء، وكيف يمكن ان يلعب دوره في إرساء قيم التسامح والإخوة بين الناس، ولكنني أردت ان أرد على إساءة رجل سعودي يسمى محمد العريفي يدعي زوراً وبهتاناً انه رجل دين حيثُ يتعرض الى مقام المرجع الأعلى ويصفهُ بصفات لاتليق إلا بمن أطلقها وكأنه يطبق المثل القائل " رمتني بدائها وانسلت " نعم هذه هي الحقيقة فهذه الإساءات لايمكن الا ان تفسر الا بوجهين اما أنها ناتجة عن حقد أعمى وتعصب طائفي فهذه مصيبة واما ان تكون ناتجة عن جهل وهنا تكون المصيبة أعظم، فهذا الخطيب السلطوي والواعظ المثير للفتن، يتطاول على رمز ديني اتفق جميع أبناء العراق من المسلمين وغيرهم على دورهِ الكبير في درء الفتنة التي أشعلها الجهلة وأصحاب فتاوى الرعب والقتل، ان محورية دور الإمام السيستاني في العرق اليوم يعترف بها الليبراليين والعلمانيين قبل الإسلاميين لما لعبهُ من دور في إدارة الأزمة العراقية وما تمتعت به مرجعيته من نظرة صائبة وحقيقية للأمور في البلد، والحكمة التي كان الإمام السيد السيستاني يتصرف بها في التعاطي مع الواقع العراقي الشائك، ولعل من الواجب ان نذكر بعدة أمور لكي نستكشف من خلالها كيف كان ومازال هذا الرجل مدافعاً عن حقوق الجميع بغض النظر عن الدين او القومية او المذهب وكيف دافع عن العراق أرضا وشعباً، واليكم وبإيجاز بعض هذه المواقف المشهودة:

1-   لعب سماحته دوراً بارزاً في الحفاظ على ممتلكات الدولة العراقية بعد انهيار نظام صدام المشنوق، فقد اصدر فتوى شهيرة بعدم جواز نهب ممتلكات الدولة وعدم الاستيلاء عليها، كما طالب بضرورة إرجاع الأسلحة المنهوبة الى مراكز الجيش والشرطة .

2-   فتواهُ الشهيرة بعدم جواز الاقتصاص من البعثيين حتى وان كانوا مجرمين والرجوع الى المحاكم القانونية للفصل في القضايا فيبرئ البريء، ويحاسب المسيء، وبذا حقنت هذه الفتوى الكثير من أبناء العراق الذين اجبروا على الانتماء او غرر بهم .

3-   دور سماحته الكبير في مطالبة قوات الاحتلال بضرورة تسليم قيادة العراق الى أبناء العراق ووصفها صراحة وعلانية بأنها قوات احتلال وطالبها بعدم التدخل في كتابة دستور البلاد وأتذكر نص من الفتوى التي كانت تنص على "لاتتمتع قوات الاحتلال بأي صلاحية في تعيين لجنة كتابة الدستور" بل طالب بإجراء انتخابات حرة وشفافة لكي يضمن كتابة دستور يمثل أبناء العراق، وخاضت المرجعية نضالاً متواصلاً في سبيل الوصول الى الهدف المنشود.

4-   لعب سماحة الإمام السيستاني دوراً مهماً في الضغط على الكتل السياسية عندما غاب ممثلوا العرب السنة عن البرلمان لأسباب معروفة وضرورة إشراك ممثلين عنهم كي لايغيبوا ولايظلموا وتغمط حقوقهم وفعلاً استجابت تلك الكتل وأشرك في لجنة كتابة الدستور ممثلين عن المسلمين السنة .

5-   عند حصول الجريمة النكراء في الاعتداء على المرقدين الشريفين للإمامين الهمامين العسكريين (ع) في سامراء من قبل عصابات التكفيريين والصدامين، وعندما كانت الأنظار مصوبة نحو النجف الاشرف بانتظار موقف الإمام السيستاني، كان موقفه مشهوداً ومدهشاً للجميع فقد دعا الجميع الى الحكمة والصبر ودعا الى عدم الانجرار وراء الفتنة، ولم يحمل سماحتهُ مسؤولية تلك الجريمة لفئة بل دعا الجميع الى التكاتف وإفشال ذلك المخطط الخطير، وطالب بحماية بيوت العبادة من الاعتداءات الإرهابية .

6-   عند لقاءه وفد عشائري في إعقاب تلك الحادثة الأليمة دعا سماحته الى عدم الانجرار وراء الفتنة وقال لهم اذا قتل أبناء مدينة شيعية جميعهم فلا تقولوا ان مسلماً من المذهب الأخر قتلهم ولا تردوا بقتل عراقي بريء لان ذلك ظلم عظيم .

7-   استمر سماحته في التأكيد وفي كل لقاء او مناسبة على الوحدة الوطنية ونبذ المحاصصة الطائفية، ونبذ روح الاستئثار لدى الكتل السياسية .

8-   في جرائم لاحقة استهدف الإرهاب مقام الإمام الأعظم(رض) في بغداد، فما كان من المرجعية إلا إدانة هذا العمل الإرهابي ودعت الى الحفاظ على المقامات المقدسة لدى المسلمين، وتكرر الموقف ذاته عندما استهدفت قوى الإرهاب والظلام كنائس المسحيين العراقيين أدان سماحته تلك الهجمات ودعا الحكومة الى حماية المسحيين العراقيين من جرائم الإرهاب والحفاظ على ممتلكاتهم وأرواحهم والحفاظ على طقوسهم .

9-   عندما شنت قوات الاحتلال الأمريكي هجوماً على مدينة النجف الاشرف، بادر سماحتهِ الى التدخل الفوري وإنهاء هذا الهجوم وحقن دماء المسلمين وادن هجمات قوات الاحتلال محذراً إياها من التمادي في قمع أبناء الشعب العراقي .

10- ظل سماحته محط أنظار جميع أبناء الشعب العراقي وخاصة من أبناء المذاهب الأخرى والطوائف الدينية فقد ظل ممثلوا تلك الطوائف يزورون المرجع الأعلى باستمرار ويشيدون بمواقفه تجاه العراق بكل مكوناته، وأتذكر تصريح نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عندما زار السيد السيستاني، فقد قال تعجبت من هذا الرجل فعلاً رجل يحب العراق ويحرص عليه، وجدتهُ مطلعاً على الموقف السياسي بكل تفاصيله متفهماً للوضع القائم، وقال ايضاً إنا نادم لأنني تأخرت عن زيارة السيد السيستاني والاستماع الى أرائه السياسية الواضحة .

11- ظل سماحته طوال الفترة السابقة يدعو المسؤولين العراقيين الى تقديم الخدمات الأساسية الى العراقيين، وضرورة الابتعاد عن كل مايثير الفتنة ويؤجج الصراع في الشارع العراقي، ومع ذلك ابتعد سماحته عن التدخل في تفاصيل العمل السياسي بل دعا وكلائه الى عدم الدخول في المناصب التنفيذية بعنوانهم الديني، حتى سمعتُ احد السياسيين الليبراليين في لقاء تلفزيوني قال : إننا نحمد الله على وجود هذا الرجل الذي ظل على طوال المسيرة السياسية مراقباً ولم يتدخل في فرض أي رأي على السياسيين بل ظل من اشد المتمسكين بالالتزام بالدستور باعتباره خيار الشعب الذي صوت عليه .

كل هذه المواقف ما هي إلا غيض من فيض ومع ذلك نرى ان البعض يصرُ على الإساءة لرموز المسلمين وخصوصاً في العراق، وفي ذات الوقت لايجرؤ هذا الدعي على الإساءة او انتقاد "لمطوع واحد" في هيئة الأمر بالمعروف سيئة الصيت، فضلاً عن انتقاده فرداً واحد من العائلة المالكة، فهل ان الإساءة تنم عن علم ومعرفة ؟ .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1275 السبت 02/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم