أقلام حرة

ميثاق الشرف يفتقد للشرفاء

tariq alkinaniلم يمض كثيرا من الوقت من توقيعهم على ميثاق الشرف حتى تتفجر الامور وتحدث تغيّرات في اسلوب التعامل على المستوى السياسي، وغالبا ماتكون هذه التغييرات على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي حادة ومفاجئة بل وصادمة احيانا ،وكعادتنا نحن العراقيون نختلف حول كل شيء حتى في البديهيات واعتقد انا ذكرت هذا الرأي مرارا وتكراراً .

قد تكون حادثة نشر الافلام الاباحية للمرشحات قد حركت الساحة الاجتماعية حيث كانت الفترة الدعائية في بدايتها حين صحا العراقيون على سابقة لم يعهدوها من قبل وهي قيام جهات سياسية بنشر افلام اباحية لمرشحات ومرشحين ،من كتل معينة بشكل مثير ،ولكنها ايضا قد حركت الساحة السياسية بشكل غير مسبوق فرئيس الحكومة يتهم الامين العام لحزبه بهذه العملية ويصفها انها غير شريفة ،وبالفعل لم يكن يتعدى الفعل التنافسي بين الكتل سابقا ابعد من اتهامات بالانتماء إلى حزب محظور او جهاز محظور اما ان يستخدم اسلوب التوريط والتنسيق مع مخابرات اجنبية لتسقيط مرشح ما او قائمة ما فهذا تعدي خطير على المنظومة القيمية للمجتمع ككل وفضح سافر لدهاليز السياسة والاساليب الاستخبارية التي لم يعرفها العراقيون بشكلها القبيح .

هذا الفعل قد يكون سبب في اختلاف الرأي الجمعي العراقي حول اهمية نشر مثل هذه المعلومات ،منهم من اعترض على الاسلوب الفاضح واخرين رفضوا الفكرة جملة وتفصيلا بل اعدوها قضية وطنية وتمس شرف العراقيات جميعا ولكن الغريب بالامر بل الاكثر استغرابا ان هذا الامر جعل رئيس الوزراء يخرج عن صمته ويعلن عن منفّذ هذه العملية ويتهم شريكه السياسي في الحزب والدولة ويقرر فضح كل ملفاته العالقة ويعتبر الامر برمّته هو اسلوب للتسقيط السياسي ليس إلا.

السؤال هنا إلى أي مدى سيتغير النمط العراقي في التعاملات السياسية على ضوء هذا المتغير الجديد ؟وهل سيعتاد الناس على هذا النمط ويحسبون له حساب ؟

هل سيأخذ الساسة مستقبلا قضية البحث في تاريخ المرشح كأساس لقبول ترشحه عن قائمتهم وحزبهم ؟

هل سيسكت الشارع العراقي عن هذا النوع او هذا النمط الجديد في التعاطي مع الانتخابات ؟

الى أي مدى ستصل هذه الاساليب من التعاملات؟ وهل سيعمل المال السياسي باتجاه تسقيط الخصوم بهذه الطرق ؟

هل ستكون الاستعانة بالمخابرات الاجنبية وسيلة جديدة لتسقيط الخصوم اخلاقيا بعد ما كانت مهمتها تنفيذ اغتيالات وتهديدات بالاغتيال ؟

ولاننسى اننا نتناول هذه الامور في ظل حكومة مؤلفة من احزاب اسلامية تحكم من خلال اطر اسلامية بحته وتعتبر القرآن مصدرا مهما للتشريع فامام هذه التناقضات نطرح كل هذه التساؤلات ليجيب عليها الشارع العراقي في المستقبل القريب، وتعد لحظة الانتخابات هي خط الشروع في اتباع هذه الاساليب .فنحن اليوم ندخل اعتاب مرحلة جديد من الاخلاقيات التي تفرضها الطبقة السياسية على المجتمع .لم تكن قبل هذا اليوم قضية الاعراض وتداولها بهذا الشكل مطروحة بالساحة الاجتماعية العراقية ،ولكنها اليوم اصبحت أمر واقع ولامجال لتفاديه بأي اسلوب قانوني او اجتماعي (عشائري) او ديني ،فهو كما يبدو للوهلة الأولى صادر عن مخابرات اجنبية سواء كانت عربية او غربية فالفاعل كما يبدو غير عراقي ولايخضع لقوانين العراق واعرافه الاجتماعية والدينية وهو بالتالي فعل مجهول الهوية والمستفيد منه لايبدو في الصورة الكبيرة التي علقها المجتمع على الجدار الكبير وهي الذاكرة الجمعية للمجتمع .

القادة قد وقعوا ميثاق شرف فيما بينهم قبيل البدء بالحملة الانتخابية لشعورهم الاكيد بحاجتهم إلى هذا الشرف ومن جانب آخر فهم يعلمون انه من الصعب جدا كشف هذه الاساليب من قبل الاجهزة الاستخباراتية العراقيةوالتي اقل مايقال عنها انها فاشلة فكثير من الجرائم ارتكبت دون ان يفصح عن اسم الفاعل وذهبت التحقيقات ادراج الرياح .

ويبقى ميثاق الشرف الذي وقع عليه قادة العراق السياسيون معطلا لكونهم يفتقدون إلى الشرف ،وقد قيل قديما فاقدالشيء لايعطيه.

 

 

في المثقف اليوم