أقلام حرة

يوميات انتخابية (3): خطاب المرجعية

عامرة البلداويتسمر الجميع امام التلفاز ليشاهدوا ويسمعوا خطبة الجمعة يوم امس الرابع من نيسان عام 2018، يوم لابد من ان يحفظ تاريخه جيدا لأنه فتح الباب لمرحلة جديدة .. بيان مكتب سماحة السيد السيستاني ذو مضامين عديدة ولكن أهم مافيه هو تخيير الناس لممارسة حقهم بالتصويت ..تعود العراقيون ان المرجعية تدعو الى المشاركة الواسعة في التصويت بأسلوب توجيهي وتعبوي .. هذه الأنتخابات ليعلم اي ناخب بأنه يمارس حقا له دون توجيه وتلك أشارة واضحة الى ان التجربة والممارسة اخذت حقها من النضج والمعرفة بين الناس وان علينا اليوم ان نذهب ونحن مختارين بكامل رغبتنا الواعية وليس موجهين لأن مصلحة عليا تدعو الى ذلك ..تجربة حكم دامت 15 سنة وتخللتها (8) تجارب انتخابية بما فيها الأستفتاء على الدستور وانتخابات مجالس المحافظات ..تأتي في كل تجربة توجيهات المرجعية بالمشاركة الواسعة بالتصويت .. فيخرج كبار السن والمعاقين والشباب والنساء من كل مساحات العراق الشاسعة تلبية لنداء مرجعهم وعملا بتكليفهم الشرعي اكثر من احساسهم بانهم آلة التغيير والمحاسبة ..على مدى التجارب السابقة كان العراق في مخاطر جمة والفترة مابين 2006 و2010 لم تخلو من ايام دامية استهدف بها العراقيون قتلا وتدميرا فكان صندوق الأنتخابات يعني بقاء تجربة التغيير ومنع نكوصها والعودة الى الوراء ولذلك صبر العراقيون ..في المقابل وبعد استتباب الأمن الجزئي لم يشهد العراقيون تحسنا في الخدمات أو في الأجراءات،ولم يشهد قوة تطبيق القانون وتعميم تطبيق القانون،كما ارتفعت معدلات الفقر والأمية والبطالة، ارتفعت نسبة هجرة الشباب، أتسعت مساحات السكن العشوائي، وانتعش الفساد وسرقة المال العام ودخل العراق في أزمات وخلافات سياسية لاناقة لعامة الناس فيها ولاجمل حتى صنف العراق على انه من البلدان الفاشلة وانه من أكثر البلدان التي يصعب العيش فيها،انتهى المسلسل بكارثة احتلال الموصل من عصابات داعش الأرهابية وسقوط محافظات العراق الواحدة تلو الأخرى وكاد البلد ان يضيع ويقسم بعد تحول اهله الى مشردين ونازحين واسرى وقتلى، فكانت فتوى الجهاد الكفائي التي لبى ندائها العراقيون بكل رحابة صدر حتى بلغ عدد المتطوعين بالملايين ودحرت عصابات داعش بدماء العراقيين الصابرين على شضف العيش وسوء الخدمات، اما آن الأوان لفتح صفحة جديدة وانقاذ العراق من العودة الى مسلسل الدمار خاصة وان داعش مازال متربصا هنا وهناك وخلاياه النائمة تنشط في مواطن الغفلة والضعف، في هذا الوقت بالذات وقبيل موعد الأنتخابات بأيام اختار المرجع الأعلى ان يبلغ العراقيين بأنهم احرار في اختيارهم وفي ممارسة حقهم بالتصويت، جاء ذلك في وقت أشيع انه لم يحدد نسبة المصوتين في الدستور او قوانين الأنتخابات ولذلك فمهما انخفظت أعداد المصوتين فأن ذلك لن يؤثر على مصداقية الأنتخابات، فهل المرجعية لم تلتفت الى هذا الأمر ؟ مازالوا في اضغاث احلامهم غير مبالين بكلمة الشعب ورأيه وغير مقدرين ان نسبة منخفظة بشكل لافت من عدد المصوتين ممكن ان تسبب التقليل من مصداقية الأنتخابات دوليا وهذا ينسحب على أحقية الفائزين لمقاعدهم الأنتخابية لأن معيار عملية الأنتخاب هو حجم التمثيل، فلو صوت 10% فقط من عدد الناخبين !!هل ترى ان الفائزين ممثلين حقيقيين للشعب؟؟ . ان بيان المرجعية اكد على ان المسار الانتخابي لايؤدي نتائج مرضية الا بتوفر شروط منها قانون الأنتخابات (ونحن نعلم علل القانون ومن هم اكثر المستفيدين)، ومنها منع التدخل الخارجي في الأنتخابات (وهذا مالايمكن احرازه او تأكيد التحكم فيه)، ومنها تنافس المرشحين على اساس البرامج وليس الشحن القومي والطائفي (مازلنا أضعف الدول في عرض برامجنا وأقوى الدول في نشر غسيل بعضنا البعض الآخر)، ومنها وأهمها وعي الناخبين لقيمة اصواتهم (لأنهم هم وحدهم اداة التغيير) كما أكد على ان تلك الأخفاقات التي رافقت التجارب الأنتخابية السابقة كانت نتيجة عدم توفر واحد او اكثر من الشروط المذكورة وهي ماتزال قائمة حتى في الأنتخابات الحالية . ثم تأتي مباشرة فقرة (ان المشاركة حق لكل مواطن ) له ممارستها او الأمتناع عنها وهذا الزام بتحمل المسؤولية واتخاذ القرار عن وعي بمصلحة البلد وفي ذات الوقت التأكيد على مواصفات المرشح والأطلاع على المسيرة العملية له ولرئيس قائمته لأن رئيس القائمة هو من يضع سياستها ويحكم قرار اعضاء القائمة الفائزين فلماذا علينا تكرار اخطاء الماضي والعودة لأنتخاب الفاشلين الذين اوصلونا الى مانحن فيه .

ان هذا الألزام بتحمل المسؤولية واتخاذ القرار الحر ماهو الا مرحلة ممارسة وتدريب لدور أكبر وأهم، ان المرجعية تمهد لمرحلة عنوانها محاسبة الشعب للفاسدين والمتورطين بدماء هذا الشعب والفاشلين غير القادرين على تقديم الخدمة .. اذا اليوم اختار الشعب بأرادته واختياره غدا بات لزاما على ممثليه التعاطي مع أولوياته وتحقيق الرفاهية والعيش الكريم له، الذين صوتوا وحدهم من لهم القدرة والحق في المحاسبة كما مارسوا الحق في الأنتخاب والتصويت، وستبدأ في الأيام القادمة مابعد الأنتخابات وظهور اسماء الفائزين المرحلة الثانية فهل انتم ايها الناخبين جاهزون.

 

د.عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم