أقلام حرة

الوطن العراق!!

صادق السامرائيالعراق، الوطن المُحلى بالأمجاد الحضارية المنوّرة بروائع العصور، السامقة الخفاقة في آفاق العلاء والبهاء الإنساني المديد.

وطن الحياة المنبعثة من براعم الخيال، ومواقد الرؤى والأفكار، المتدفقة من ينابيع الحروف والكلمات، والعبارات الفياضة المتموجة في أعماق الأولين الحالمين بالرقاء، ومعانقة السماء الصافية الزرقاء، المرصعة بنجوم الأمنيات وأقمار الأحلام، المشعشة بالإرادات الوضاءة والسناء.

وطن خطى على أديمهِ أول البشر، وعانقت حواء حبيبها آدم في مروج تجلياته، ومحاسن ألوانه وعبير نسماته، وأحضان دفئه الحنون اللذيذ، الذي آوى براعم الإبتداء، وأجنة الإنطلاق السرمدي فوق التراب.

وطن الروح المتوهجة بأسباب الصيرورات، ودواعي التألق والتفوق والإشراق، والتوثب الأعظم في فيحاء القدرات، المجسدة لطموحات مخلوقٍ يرتل آيات خلاّق عظيم، أودعه أسباب البرهان وعناصر اليقين، والصدق الإنساني المبين.

وطن الأنوار القدسية، والأضواء السماوية، ومهجة الأرض الكونية، والحارس على مكنوناتها، والباعث لمنطلقاتها ورؤاها، والباحث عن جدوى البقاء والفناء، والراحل بعيدا في فضاءات الكينونات، قبل أن تلد الشمس أقمارها السحرية، وتنثر نجومها المتلألئة في سماءٍ علوية.

وطن الخطوات الوثابة، والتفاعلات الفكرية الخلابة، المستحضر لمعالم العوالم وأسرار الخواتم، الرافع كل مرفوعٍ في مدن الإعراب الحضارية.

موطن الأنبياء والرسل والآلهة، والقدرات البشرية الدفاقة مع مياه الأزل، وهي تنسج ذاتها بخيوط الأبد، وتستحضر جمهرة العقول الإدراكية.

وطن إبراهيم أبو الأنبياء، ومَرسى سفينة نوح، ومُبتدأ الحياة المتجددة بعد الفيضان.

وطنٌ كانت النار فيه بردا وسلاما، والأيام محبة وألفة وكرامة ووئاما.

وطن سومر وأكد وآشور وبابل، وغاية القوى الأرضية، فلا يحلو لقوة أن تشعر بقدراتها إلا بالنزول على أراضيه، وقد أدركها ملوك وسلاطين وقادة الدنيا منذ فجر التأريخ، ولا يزال القادرون لا يتأكدون من قوتهم إلا بالحلول فيه، فلكي تمسك الأرض عليك بالعراق، لأنه قلبها وعنقها ومستودع عناصرها الغالية، ونفائسها الثمينة المتباهية.

وطن المحبة والقوة والقِيم والأخلاق والأنوار، والمعاني والمعايير والأديان والشرائع، والأدب والفن والرسم والرقص والعمارة والخيال، والتعبير الأقصى عمّا في دنيا البشر من جميل الطباع، ونوادر الرغبات النفسية والفكرية والبدنية.

وطن إنبثاق الحرف والكلمة والعبارة والقانون، والتألق الحضاري والتجسيد الأرقى للمعاني الإنسانية، والمحقق لآمالها الرقراقة، وتطلعاتها المشرقة الحالمة بالغد الأفضل، والبقاء الأجمل والأرقى والأصلح.

العراق حبيب الشمس والقمر والنجوم، المتفاخرة بعطاءات أبنائه، والمبتهجة بقدراته ومعالم فيضه الأصيل، المحقق لتلاحم قدرات الخلق بالخالق، والرافع لرايات الخلود الفوّار المتشوف للإشراقات العمرانية.

وطن النخيل والأعناب والبرتقال والرقي والبطيخ والنارنج، والرمان والدفلى والرياحين والسدرة، وأطيب الأثمار والأزهار والورود والآصال.

العراق المُحلى بالشهد والدموع والدماء والآهات، والحسرات والإحباطات والتداعيات المتواكبة، والصراعات المتتابعة على مسارح أيامه، المضرجة بنجيع الأمنيات الإنسانية.

وطن الميلاد والصبا والشباب والأجداد والآباء والأصحاب، والأخوة والأقارب والأحبة والأصدقاء والزملاء والمعارف، والأساتذة والأدباء والشعراء والمثقفين والمفكرين والعلماء.

العراق، نبض القلب وموج الروح، وينبوع المشاعر والأحاسيس، ومستودع العواطف السامية الرقراقة، المنسكبة على وجنات الأحلام والطموحات العراقية.

العراق هويتنا الكبرى، وعقيدتنا الأثرى، وعقلنا الأدرى، وجميعنا بعراقنا أحْرى، ويبقى واحدَ الثرى!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم