أقلام حرة

المجتمع العراقي العريق!!

صادق السامرائينقرأ الكثير من المقالات التي تجتهد بوصف المجتمع العراقي بما تبدعه من المسميات وكأن بشره ليسوا من بني الإنسان، وأنهم من كينونات جينية فريدة ونادرة وغريبة، وربما مستوردة من كواكب كونية مجهولة.

وينهض سؤال : هل أن ما يجري في العراق خارج المنظور السلوكي للبشر؟!

فمنذ عهد الإتهام بالنفاق والإزدواجية وغيرها من التوصيفات وحتى اليوم، تجدنا نقرأ تسميات لا أساس لها ولا رصيد من الواقع، لأن القائلين بها يتعاملون مع النتائج الظاهرة للعيان والطارئة في معظم الأحيان، ويغفلون التفاعلات التي أوجدتها وأوصلت الناس إلى الذي يسمونه كما يحلو لهم ويروق.

والواقع الذي يتم إغفاله أو إنكاره وتجاهله، أن المجتمع العراقي لا يختلف كثيرا عن أي مجتمع غيره في الدنيا، فلو تعرض أي مجتمع آخر لما تعرض له لكانت تفاعلاته كمثله، وربما ذات تداعيات مروعة وخطيرة وكارثية على جميع المستويات، ولرأيت الناس فيه وحوشا ضاريات، ولإكتشفتَ في مجتمع العراق التفاعل البشري أو الإنساني المُحلى بالقيم والتقاليد والأعراف والأخلاق الطيبة، رغم شدة العواصف والأعاصير التدميرية الفتاكة.

ومن وجهة نظر سلوكية بحتة ، يبدو أن المجتمع العراقي يمتلك مطاوعة ومرونة، وقوة تحمل وإمتصاص للصدمات التي تُسلط عليه، وبعنفوان غير مسبوق وآليات متطورة مؤزرة بالأبحاث والدراسات والتجارب والخلاصات المركزة.

فالمجتمع العراقي رغم ما جرى عليه تراه قويا متماسكا يحافظ على التقاليد ويعرف مصلحته، ويسعى بإرادة واعية نحو مستقبله وبناء حاضره.

وتجد التفاعلات القائمة ما بين أبنائه ذات قيمة حضارية وإرادة إيجابية وتطلعات سامية، فهو بخير رغم أنف الشرور وصولاتها النكراء، وبعافية ما دام الناس فيه متكاتفين لا يفرقهم أي توصيف أو مسمى.

والذين يتحدثون عن التنوع والإختلاف فيه، إنما يكذبون، فالواقع يؤكد بأنه من أقل مجتمعات الدنيا إختلافا وتنوعا.

والذين يريدون النيل من المجتمع بإذكاء الفرقة المذهبية وغيرها، إنما هم الخاسرون، فالمذاهب فيه قوة للدين، وقدرة إبداعية ذات قيمة ثقافية ومعرفية تشهد لها الأيام والعصور.

وهكذا فأن الكلام السلبي عنه ما قل أو كبر شأنه يمثل إعتداءً سافرا غير مبرر، وتوجه نحو التضليل والخداع ونشر المفاهيم السقيمة اللازمة لتمرير برامج الطامعين.

فالمجتمع العراقي بعافية وقدرة على المواصلة والإنبثاق الحضاري المنير، ولن تمنعه من إنطلاقته الواعدة العقبات والمصدات والسلبيات الملقاة على عاتقه والإفتراءات الخائبة البائسة، لأنه نتاج حضارات إخترقت العاتيات وتواصل وتطور وتفاعل وبقيَ حيا معطاءً أصيلا، منتصرا على متواليات المحاولات الإقليمية والعالمية، وغيرها من القدرات الساعية للهيمنة عليه، وفي التأريخ القريب والبعيد شواهد دامغة وقاطعة على فولاذية الوجود العراقي، وكينونته المطلقة الخالدة.

فالمآسي من الكراسي، وسيبقى المجتمع بطيبته وقدرته على الحياة الحرة الكريمة وسيحيا ويتألق به العراق!!

وإنها لزوبعة في فنجان وطن عريق!!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم