أقلام حرة

افضل محافظ بنك مركزي عربي.. من العراق

زيد الحليتوقفتُ كثيرا، امام الخبر، وزدت شوقا لمعرفة حيثياته، فليس يسيرا على بنك مركزي لدولة مثل العراق،، خاضت حربا ضروس لسنوات مع عدو ارهابي شرس، ووسط بنى تحتية مدمرة نتيجة حصارات وازمات سياسية، ومناكفات بين اطراف عدة، وتدني في اسعار النفط عالميا، ان يحصل على شهادة دولية، مصرفية تنطلق من باريس، تتوج محافظ البنك المركزي العراقي السيد علي محسن اسماعيل العلاق، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018... وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في عدة مجالات كان من أبرزها الحفاظ على سعر الصرف، وغلق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق فضلاً عن التطور الكبير في نظام المدفوعات وانظمة الدفع الالكتروني وايضاً العمل المتقدم الذي أحرزه في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .

نعم، فرحتُ كعراقي بهذا التتويج، لكني سعدتُ اكثر بالصدى العالمي الذي حققه البنك المركزي العراقي، وهو يدير اقتصاد دولة اتعبتها منغصات جمة، ونالتها سهام غادرة، ارادت طعن قلب الاقتصاد العراقي ومركزه المالي الوحيد هو البنك المركزي، غير ان ادارة البنك، وفريق العمل في طاقمه الذي يشارك في حمل الامانة الثقيلة، كان على معرفة بحجم خطورة، ما يحاك للبنك، فتصدوا بشجاعة لكبح جماح من اراد ان يكسر شوكة استقلالية البنك، وجره للنزاعات السياسية، فبقى ثوبه ابيضا، لم يلوثه سواد الخطيئة، فتوجه الى المجتمع من خلال مبادرة (تمكين)، في اشد ايام العسر المالي، مشكلا خطوات ملموسة في دعم الشباب والمشاريع التنموية التي حققت نجاحا كبيرا، لاسيما انها شملت القطاعات الزراعية، الصناعية،التجارية، الاسكان وقطاع الخدمات وبتمويل وصل الى ترليون دينار عراقي ..

ولا يعتريني شك، بان احداث تغيرات جذرية في مفاهيم المؤسسات المالية تجاه المجتمع بما يترتب على أحساس المواطن بمسؤوليته الجماعية في القضاء على المشاكل التي يواجهها، هو اهم مفاصل الاستقرار النفسي، وهذا ما اتجه اليه البنك المركزي العراقي . لإدراكه أن ادارة التنمية لها أهمية كبيرة، وأبرز مضامينها هي قدرتها وفعاليتها في تنفيذ اهداف تنموية مبنية على استراتيجية واضحة تسندها ارادة جادة، تأخذ بالأساليب الادارية الحديثة، وتستوعب الطبيعة الاستراتيجية للتنمية والدور والاهداف المراد تحقيقها.

ويمكنني القول بأن التنمية هي عملية مستمرة ومتصاعدة تعبر عن احتياجات المجتمع، وهي عملية مجتمعية يجب ان تساهم فيها كل قطاعات الشعب وهي عملية واعية أي انها ليست عشوائية وانما محددة الغايات والوسائل، وتسعى لإيجاد تحولات هيكلية، جامعة الأطر الاقتصادية والزراعية والصناعية والخدمية والاجتماعية والسياسية. والتنمية المستدامة التي سار عليها البنك المركزي، تتطلب توافر قدر من حالة الابداع المالي والاقتصادي، وهذا يحتاج كشرط اول الى وجود بنك مركزي،مستقل متجاوزا مشاكل الهوية، ومحافظا على قدر معقول من الاستقرار الوظيفي، بعيدا عن تقلبات الاهواء التي تعصف بأي مرتكز صامد .

اخيرا، اقول، شكرا لباريس التي افرحت العراقيين، حين انطلق منها تتويج محافظ البنك المركزي العراقي، كأفضل محافظ بنك مركزي عربي لعام 2018.. وتمنياتي للسيد المحافظ علي محسن اسماعيل العلاق، بالنجاح الدائم .

 

في المثقف اليوم