أقلام حرة

هل يصل اردوغان لطريق مسدود؟

عماد عليمن رأى الحاضرين لمراسيم الاحتفاء بتنصيب القائد الفذ والزعيم الاوحد اردوغان رئيسا بصلاحيات ملك مفدّى، يمكنه ان يبين مساحة ومدى ونوعية قبول اردوغان في الاوساط العالمية، ومن خلال توجهات وخلفيات من حضر لهذا اليوم التاريخي للعودة (نعم محاولة للعودة الى عصر قد مضى عليه الزمن) الى مرحلة وعهد نفذ تاريخه وانتهت مقومات بقائه وبالاخص في هذه المرحلة المختلفة جدا عما كان عليه العالم، سيكتشف بسهولة مدى مقبوليته في الاوساط السياسية العالمية.

ربما الموقع الاستراتيجي لجغرافيا تركيا ودورها في الصراعات لازالت قيد الاهتمام من الكثيرين واننا في وسط وحل اكثر الاوقات تعقيدا وفوضويا للمنطقة بعد التغييرات الجذرية التي حصلت منذ القضاء على النظام العراقي وثورات الربيع العربي والانتقالات في مواقع وشكليات وجواهر العلاقات والمعادلات العديدة (يجب ان لا ننكر حضور اكثرية ممن يمقتون سياسات امريكا في الغالي=ب على اساس خروج تركيا من طوع امريكا اخيرا واستقلاليتها في الامور المخادعة عالميا مع العواطف من المواقف الشكلية من اسرائيلو ثم اهداف اطراف المحاور المتصارعة في المنطقة وانعكاسها على الحضور لهذه الانواع من المراسيم). كل هذا يمكننا ان نعتبره عاملا مساعدا لتقدم اردوغان خطوات خاصة لتنفيذ ما تفرضه نرجسيته والعمل على تفرده محاولا غمض احدى عينيه في السير في المتاهات التي دخل نفسه فيها من اجل الحكم الفردي (من راى شخصيات حكومته الموقرة وقرا ما يتمتعون به من الولاء خلال تحركاتهم نفسيا، ومن سيرهم الذاتية يتوضح لديه ما يحملون ويعلم كم اعتبر اردوغان لهذه الصفة في كيانه كي يكون هو رئيس الدولة ويكون هو بذاته جميع الوزراء في الوقت نفسه). لكن السؤال؛ هل الوضع العالمي والمنطقة والداخلي التركي يسهل نجاحه في مهامه الشخصي الذي ربما يفيد لوقت معين دولته وينعكس عليه وعلى تركيا بالسلب في اخر المطاف وفي نهاية عصره حتما.

اننا يجب ان ننتظر ان تترسب الرغوة او تزاح في المنطقة بعدما تستقر على امر بعيدا كان ام قريبا، ولكن ملامح التغييرات بانت في الافق مما يمكن ان نعتقد بان الاستقرارفي هذه المنطقة بالذات ليس لصالح تحقيق اهداف اردوغان بشكل خاص، وعليه يعمل على فرض موطا قدم له في سوريا والعراق بكل ما اوتي من جهد حسبانا منه لما تصل اليه المنطقة قريبا. هل ينجح ام الواقع يصدمه بكل ما لديه؟

انه الان امام تحديات واختيارات صعبة ولابد ان يختار بين ما امامه ولا ثالث بين الاثنين فيما بعد. اما التواصل مع روسيا والتعمق في توجهاته الشرقية والابتعاد عن الغرب بعد مدة معينة من التغييرات المنتظرة في المنطقة او التراجع امام الامرالواقع. امريكا لحد اللحطة تلعب مع تركيا كثيرا ولا تريد ان تخسرها نهائيا وهي بدورها لا زالت لم تقطع خيط الرجعة مهما ادعت غير ذلك ولازالت تتلاعب كالفتاتة اللعوبة المراهقة بين اثنين من الشبابا المتهلفين جنسيا.

لازالت اسرائيل مترددة في اتخاذ موقف من تركيا بشكل جدي وهي بدورها تنتظر التغييرات وما يؤول اليه الوضع ايضا دون ان تتحرك في اتجاه معين بهذا الصدد، وهذا ايضا ستنتهي بعد فترة معينة من التغييرات المنتظرة، وستقوم بما تمليها عليها مصالحها وما تتوجه به امريكا ايضا.

ايران تئن تحت وطاة العقوبات ولازالت تلعب مع تركيا من هذا الجانب ولا تريد ان تخسر اقتصاديا ايضا ما ترد اليه من المنافع الكبيرة في هذه المرحلة بالذات، وعليه الخلافات التركية الايرانية لازالت مغطات بالحالة الطارئة للمنطقة التي تفرض العلاقات المؤقتة ايضا بين البلدين.

العراق لازال في طور التكوين وهش سياسيا مما وفر لتركيا الكثير من الجوانب السياسية والاقتصادية ولا يختلف عن ايران ، والا لم يكن يوما متوافقا معها للعوامل المعلومة تاريخيا بين البلدين المشابهة لايران او خاصة حصرية بينهما هما فقط.

و عليه ان استغل اردوغان الوضع الخارجي الملائم لتحركاته الشخصية لتحقيق نواياه فلابد ان يعلم بانه لم يدرك ان الارضية لن تبقى الى الابد كما هي بل التغييرات اتية قريبا بلا شك. اما وضعه الداخلي والذي ربما الفرص المتاحة لتنمية اقتصاده وفّر عليه السلم الدائم الهش لهذه الفترة، الا انه ما يجري داخليا له علاقة كبيرة مع خارج البلد فان اهتزت ستنهار وتتهاوى في لحظة كما يعتقد الكثيرون، وعليه الضغوطات التي تفرضها بعض الدول الاوربية لازالت تحتسب لما يمكن ان يؤثر انهيار تركيا عليهم وعلى الاقتصاد العالمي والسياسات المتبعة من قبلهم.

خلاصة القول، ان ما يتبعه اردوغان بحسابات وقتية غير مبالي لما يمكن ان يحصل على المدى البعيد، وما يحصل ربما يكون مفاجئة كما يعتقد الكثيرون، وان كان الانقلاب خطة خاصة به الى حدما او كما يقول الكثيرون جاء لصالحه وان لم يكن بتخطيطه الذاتي المحض بعد فشله، انما الاسباب والعوامل متوفرة لانقلاب عسكري وسياسي في اي وقت كان. ننتظر التغييرات المفاجئة اكثر من اي شيء اخر بعدما كثرت نسبة المعارضة وتنتظر فرصة للنيل منه في الوقت الملائم. فلا يمكن ان يدوم ما يصر عليه، فهو يعيد الخطا ذاته كما استمرت فيه العثمانية ابان عصرهم الذهبي. وان وضعه مرتبك بقوة بما يجري في المنطقة واي هزة ستهتز بها تركيا من اساسها والوضع الداخلي مساعد على التواصل والترابط مع التغييرات الخارجية. والطريق لازالت واسعة لحدما وسارية امامه الا انه لها نهاية بابواب موصدة بقوة لا يمكن ان يتصوره وسيرمى ورائها دون مخرج في الوقت المناسب.  

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم