أقلام حرة

لا تقل أنا إنسان!!

صادق السامرائيفي زمن الديمقراظية المستوردة من سوح الغاب المعاصرة لا تمت بصلة إلى ديمقراطيات المجتمعات المتحضرة، فهي ذات مميزات تحاصصية وتخاصمية وتعاصصية وتصارعية وتدميرية، ولا يمكنها أن تكون إلا وعاءً لسفك الدماء وتنتمية العنف والخراب، وترفع الدين شعارا وتمرر به الآثام والخطايا والجرائم ضد الإنسانية.

وهي ديمقراطية الحرمان من الماء والكهرباء وإنتشار الفساد والإفساد، ورهن العباد وقهرهم بالحاجات وقطع الأرزاق والتشريد والترويع والإهلاك؟

ديمقراطية العمائم الملونة واللحى المتنوعة والجباه المطررة بالضلال والبهتان والخداع والنفاق، وتمرير المصالح وتأكيد المطامع والمشاريع وإنجاز الأهداف المناهضة لإرادة الشعوب.

ديمقراطية الأرقام، فلا يمكن للبشر فيها أن يطالب بحقوقه على أنه إنسان، فإن تجرأ على ذلك، قيل أنه إرهابي ومندس ومتآمر ومن أزلام أنظمة سابقة، ومن الذين يعادون الديمقراطية ويترجمون عقائد الهلاك.

ديمقراطية بشر يعتاش على النفايات، ويفتقد لأبسط الخدمات، والقائمون على أمره في عز ورفاه وثراء ومحميات ذات ألوان، وجميع الكراسي تتعبد في محاريب ساداتها الداعمين لوجودها والممولين لسوء سلوكها المشين.

إنها ديمقراطية بلاد العُرب أوطاني، التي ذاق فيها العرب أبشع الويلات وداهمتهم التداعيات والملمات من كل حدب وصوب، ومسيرة تفاقم الصعوبات والمعانات تتكالب عليهم، وما عليهم إلا أن يقروا ويؤمنوا بأنهم أرقام لا غير.

والدليل على أنهم أرقام، تؤكدها وسائل الإعلام العربية والعالمية، فعندما يموت الآلاف من العرب تحت الأتقاض يشار إليهم برقم كذا وكذا وينتهي الخبر، لكن عندما تاه إثنا عشر صبيا في كهف تايلندي، أقيمت الدنيا ولم تقعد حتى تم إنقاذهم، ولو حصل ذلك للعرب لكانوا نسيا منسيا، ولقال العرب أنفسهم يرحمهم الله.

تلك حكاية ديمقراطية الأرقام البشرية، بينما الديمقراطية الحقيقية إقرار مطلق بإنسانية البشر، ومادام العرب متمحنون في متواليات الأرقام، فأن الديمقراطية من أضغاث أحلامهم وسرابات أيامهم التنورية الطباع والعنوان.

فهل سيرتقي العربي إلى مقام إنسان لكي يقر المجتمع الدولي بحقوقه ويهب لنجدته، أم إن العرب يستلطفون دور الأرقام، فحتى الكراسي في دنيا العرب أرقام تحت رحمة العمليات الحسابية التي تريد الوصول إلى نتيجة أكبر، وفقا لمعادلات مصالحها النشيطة الفاعلة بحرية وديمقراطية غير مسبوقة.

فآهٍ على الأرقام المؤهلة للطرح والإنقسام!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم