أقلام حرة

تظاهرات العراقيين ولعبة الأعلام

انس قاسم علازييسألني البعض عن سبب استخدامي مصطلح لعبة الأعلام وما الدافع من وراء ذلك؟. واليوم اكتب بهذا الخصوص بعد قيام أبناء شعبي العزيز وإخوتي بتظاهراتهم ضد تردي الأوضاع المعاشية وضد سراق المال العام وضد الخدمات وضد المليشيات والعصابات والمظاهر المسلحة والظلم والجور والاستعباد وسيطرة وهيمنة مدعي الدين ومدعي السياسة وسراقها إلى أخر ما تحتويه القائمة من ظلم وجور طوال السنين العجاف التي عاشها الشعب العراقي منذ 2003 الى يومنا هذا ..

شباب انتفض ضد واقع مرير بصورة سلمية من دون سلاح وهو ما كفلته كل دساتير وقوانين العالم في حق الفرد في التعبير عن رأيه بصورة عفويه لنجد أن المظاهرات توسعت وانتشرت لتشمل عدة محافظات يقابلها صمت وسكوت إزاء هذه الأحداث من قبل الحكومة العراقية (أنا اعتقد انه ليس صمت انه عدم امتلاك سياسي الصدفة للخبرة وكيفية التصرف ومواجهة هذه الإحداث) وبعد ذلك الصمت أسعفهم المنافقون من مدعي الإعلام بمشورتهم وبخطط إعلامية هزيلة تهدف إلى التسقيط المتعمد والالتفاف على الشعب وتزييف الحقائق واختيار أشخاص من قبلهم ليندسوا بين المتظاهرين هدفهم خلق المشاكل بين صفوف المتظاهرين والاعتداء عليهم وخطف وتعذيب بعض الشباب المنتفض وسرقة وحرق الأموال العامة وتصويرهم ونشر تلك المقاطع على القنوات الخاصة بهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفبركة واختلاق الإحداث وانتهاج سياسة الترهيب والتخويف في تصوير مقاطع لتعذيب بعض المتظاهرين على يد القوات الأمنية التابعة للحكومة وقتل البعض الأخر بعد تشويه جسده وبث تلك المقاطع المصورة والممنتجة على مواقع التواصل الاجتماعي في حين تجد القنوات الفضائية التابعة للأحزاب والحكومة العراقية تبث برامجها بصورة طبيعية كما أن شيئا لم يكن تصورا منهم بأنهم ينتهجون المنهج الإعلامي الصحيح ونشر الأخبار في نشراتهم الإخبارية   بأن السياسي الفلاني قد اتخذ خطوات كبيره لمعالجة الأوضاع وتلبية رغبات المتظاهرين وان شيوخ العشائر تساند فلان السياسي الكبير في حربه على الفاسدين وان التظاهرات أصبحت بلا فائدة وان المتظاهرين هم ثلة من السراق ليصطدموا بحاجز الأعلام النزيه والذي اتبعه المتظاهرون وهو نقل الأحداث بصورة واقعية أي تصوير الواقع وبثه دون مونتاج وقطع ومن غير رتوش للصورة الفوتوغرافية التي التقطها المتظاهرون وبمقابل ذلك قام المستشارون الإعلاميون خبراء التلفيق وتزوير وتشويه الرأي العام بقطع بث شبكة الانترنيت على جميع المحافظات العراقية عدا إقليم كردستان وذلك وتصورا منهم بأنهم سوف يقومون بالسيطرة على الشارع والمتظاهرين... ليثير ذلك غضب الشارع العراقي بصورة اكبر وغضب الجاليات العراقية التي تعيش خارج العراق فقامت القنوات الفضائية المحايدة والتي تعمل وفق النهج الإعلامي الصحيح في السبق الصحفي ببث الحقيقة التي صورها المراسلون وهذا مالم يحسب حسباه من قبل مستشاري الأعلام المنافقون قليلي الخبرة الذين تستخدمهم السلطات العراقية ليعود بذلك بث الانترنيت بصورة طبيعية وتدفق المقاطع الحقيقية والغير مفبركة من قبل المتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي لنجد أن التظاهرات مازالت قائمة وكل ما ذكر من قبل الناطقين باسم الحكومة العراقية هو كذب وتلفيق وهنا أحببت ان انقل لكم ما كتبه احد الصحفيين العراقيين الكبار دون اذكر الاسم

(ثلاثة الجنرالات يقفون أمام شاشات التلفزيون ليلقون علينا موقف التظاهرات اليومي..احدهم صنف قوات خاصة والأخر قوة جوية والثالث جهاز مكافحة الإرهاب وهذا يعطي انطباع أننا في حرب استثنائية وليست تظاهرات احتجاجية يمكن وصفها بالبسيطة لأنها مازالت تحت السيطرة.. وطوال الحروب الكبرى في العالم لا يوجد هذا العدد من الناطقين دائما ثمة ناطق واحد..فهذا يعني واحد من أمرين أما جهل بالأعلام أو رسالة تخويف وتحذير للمتظاهرين.

ألا يوجد في الحكومة من ينبهها أن وجود ثلاثة جنرالات لإعطاء موقف عن تظاهرات احتجاجية مدنية يعطي مردودا عكسيا للعالم ولنا بان الأمر خارج السيطرة ويعطي رسالة أن هناك من يريد أن يعسكر الاحتجاجات المدنية.. هذا مؤشر كبير على فشل الطواقم الإعلامية للحكومة وأنها لا تفهم معنى الأعلام في وقت أصبح فيه الأعلام شرارة تشعل بلدان بكاملها)

كلنا يعلم أن العراق بلد تعيش فيه مختلف الطوائف ومتعدد الثقافات واللغات بلد التنوع الفكري والديني تحكمه سلوكيات خاصة نبعت من أصالة الشعب بمجتمعه الصحراوي والجبلي ومجتمع الاهوار وشط العرب.

تركيبة من الصبر والنخوة والتحمل لم ولن يستطيع كبار علماء علم الاجتماع والتركيبة السكانية من الغرب وحتى الشرق من مَن هم من غير العراقيين تحليل تلك الشخصية ومعرفتها بصورة جيدة ألا من عاش معهم يوما بيوم وتطبع بسلوكياتهم وشرب وتربي على عاداتهم وتقاليدهم لذا نجد أن هذا الشعب لا يمكن أن يموت ومن احد هذه السلوكيات هي الصبر ومبدءا (سوف اصبر حتى يَمل الصبر من صبري) وبلوغ السيل الزبى لنجد بين الحين والأخر تحركات عشائرية هنا وهناك ومظاهرات تنتقد بعض الأوضاع لكن سوف يأتي اليوم الذي يغير العراقيون به الفاسدين ولابد أن يشرق فجر جديد يحمل ختم صنع في العراق.

 

الإعلامي والكاتب انس قاسم علاوي

 

في المثقف اليوم