أقلام حرة

خطاب الفرصة الأخيرة ومابعدها إلا الثورة!

ألقت المرجعية الدينية في صلاة الجمعة لهذا اليوم خطابا تاريخيا يمثل الفرصة الأخيرة للطبقة السياسية الحاكمة لإصلاح نفسها وبغير ذلك فإن ثورة الشعب على الأبواب! فقد وجّهت المرجعية في هذه الخطبة آخر تحذير شديد لهذه الطغمه السياسية الفاسدة والفاشلة، ضمنته خارطة طريق لإصلاح الأوضاع قبل فوات الأوان وبغير ذلك ”فلا يبقى أمام الشعب إلا تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوماً في ذلك من قبل كل القوى الخيرة في البلد وعندئذ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عما هو اليوم عليه“ في إشارة واضحة الى إعطاء المرجعية الدينية الإذن للشعب بالثورة على هذه الطبقة السياسية الفاشلة التي عاثت فسادا في العراق.

واما خارطة الطريق التي طرحتها المرجعية فإنها تقوم على ”تشكيل الحكومة القادمة في أقرب وقت ممكن على أسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة ويتحمل رئيس مجلس الوزراء فيها كامل المسؤولية عن أداء حكومته ويكون حازماً وقويا ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفاسد المالي والإداري و ويشن حرباً لا هوادة فيها على الفاسدين وحماتهم وفقا لبرنامج يتبنى مقترحات مشاريع قوانين في هذا السياق، و تطبيق ضوابط صارمة في اختبار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولا سيما للمناصب العليا والدرجات الخاصة بحيث يمنع عنها غير ذوو الاختصاصات والمتهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطينين بحسب انتماءاتهم المذهبية أو السياسية ومن يستغلون المواقع الحكومة لصالح أنفسهم أو أقربائهم أو احزابهم ونحو ذلك“.

وأخيرا ”الإيعاز إلى ديوان الرقابة المالية بضرورة أنهاء التدقيق بالحسابات الختامية للميزانيات العامة في السنوات الماضية وجميع العقود والتخصصيات المالية للأعوام السابقة على مستوى كل وزارة ومحافظة وضرورة الإعلان عن نتائج التدقيق بشفافية عالية لكشف المتلاعبين بالأموال العامة والمستحوذين عليها تمهيدًا لمحاسبة المقصرين وتقديم الفاسدين للعدالة“ .

وعند التمعن في خارطة الإصلاح هذه وخاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، فإن المرجعية قطعت الطريق امام محاولات جميع الفاشلين والفاسدين والمجربين، وخاصة الذين اعترفوا بفشلهم ممن يحاولون اليوم تشكيل الكتلة النيابية الأكبر اللازمة لتشكيل الحكومة المقبلة، وفقا لمبدأ تقديم الإغراءات من مناصب واموال للأطراف التي تنضم الى كتلة الفساد والفشل المتشبثة بالسلطه.

ويأتي في مقدمة هؤلاء رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي فشل فشلا ذريعا في مكافحة الفساد. فقد وجهت المرجعية الدينية ضربة قاضية لآمال العبادي وحزبه في الإحتفاظ بمنصبه، فهو لا تنطبق عليه المواصفات التي حددتها المرجعية فيمن يتصدى لمنصب رئاسة الوزراء ألا وهي القوة والحزم والشجاعة في محاربة الفساد، وهي المؤهلات التي يفتقر لها العبادي الذي أقرّ لمقربين منه، بان محاربة الفساد تعني القضاء على حزب الدعوة.

فهذا الحزب يحكم البلاد منذ 13 عاما هيمن خلالها على مفاصل الدولة الأمنية والعسكرية والإقتصادية والإعلامية بالإضافة الى القضاء، وقد ترعرع الفساد في عهده ووصل الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ العراق ومنذ ان وطأت قدما أبينا آدم وجه الأرض. وأصبح من المحال على مثل هذا الحزب الذي تحول الى مافيا داخل الدولة ان يحارب الفساد لأن ذلك يعني ان يحارب نفسه وهو امر محال بل ضرب من الخيال. كما وان دعوة المرجعية ديوان الرقابة المالية الى أنهاء التدقيق بالحسابات الختامية للميزانيات العامة في السنوات الماضية، تعني فتح ملفات حزب الدعوة الذي يهيمن على السلطه منذ العام 2005.

ولذا فلاسبيل أمام الطبقة السياسية بعد خطاب الفرصة الأخيرة الا إغتنامها لأن الفرص تمر مر السحاب، وذلك عبر تشكيل حكومة قوية وفقا لشروط المرجعية وليس وفقا لشروط الأحزاب التي ترى في الحكومة مغنما ينبغي تقاسمه، وهذا يتطلب أن لا تشارك جميع الكتل فيها بل الكتل التي أثبتت جديتها في محاربة الفساد وكفاءتها وليس من جرّبهم الشعب العراقي طوال السنوات الماضية ممن اقروا بفشلهم لكنهم لم يعترفوا بفسادهم الذي اطبق الآفاق، فهؤلاء لا تنطبق عليهم سوى الآية الشريفة ”ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون“. وعلى هؤلاء إن كانوا جادين في محاربة الفساد ارجاع الأموال التي نهبوها من خزينة الدولة طوال سنوات حكمهم وخاصة اموال الموازنة الإنفجارية عام 2014 والبالغة 147 مليار دولار، وأن يجلسوا على مقاعد المعارضة ليراقبوا أداء الحكومة وليحاسبوا اعضاءها في حال فسادهم او فشلهم في مهامهم.

واما إن لم تعط القوى السياسية آذانا صاغية لخطاب المرجعية وأصرت على تشكيل الحكومة وفقا لمبدأ تقاسم المناصب فإن الشعب قد حصل على الإذن من المرجع للثورة، وسيلبي ندائه كما استجاب لفتواه الشهيرة في مقاتلة داعش، وحينها سيطهر العراق من الفاسدين كما حرّر أرضه من تنظيم داعش الإرهابي.

 

ساهر عريبي

 

في المثقف اليوم