أقلام حرة

نحتاج ثورة تشبه ثورة الحرافيش في فلم التوت والنبوت

احمد عبدالصاحب كريممن منا لم يشاهد احد اجمل الافلام التي انتجتها السينما المصرية ايام الزمن الجميل فلم (التوت والنبوت) وهو احد روايات وروائع الكاتب الكبير المرحوم نجيب محفوظ وبطولة الفنان الكبير عزت العلايلي وهذا الفلم نقل احداث ومعاناة الشعب المصري والفقراء ايام الاحتلال البريطاني وحكم الخديوي وأبنائه وما خلفته الاحداث من وجود سراق المال العام والمتنفذين واصحاب السطوة وظهور ما يسمى بالفتوات في مصطلحنا العراقي (الشقاوات) وهذا الحال ينطبق على حالنا في الوقت الحالي مع اختلاف الأشخاص والازمنة حيث جسدت احداث الفلم والرواية الرائعة احداث الظلم الذي يحدث على الشعب والفقراء من قبل ما يسمى الفتوات الذين اوجدتهم الدولة ومتنفذيها لقمع الفقراء وجبي الاموال وكذلك وجود الفساد الكبير في جميع مفاصل الدولة ووجود الحكام الفاسدين امثال الخديوي وابنائه وزبانيتهم الذين كان همهم بناء القصور كقصر عابدين وغيرها من من القصور وشراء الحلي والمجوهرات والزواج والتمتع بالعشرات من الجواري في ما يسمى الحرملك والشعب يتضور من الجوع واستغل كل هذه الاحداث مجموعة من قطاع الطرق مفتولي العضلات والذين لديهم اتباع وانصار يتميزون بالاجرام والعنف استغلوا ضعف الدولة وضعف وتشتت ابناء الشعب والفقراء وأصبحوا يأخذون الاتاوات وجمع الاموال من الفقراء والمواطنين والتجار ولا يدخل شيء او يخرج الا بدفع الاموال والرشاوى هذا الحال يشبه ما يحدث لنا الان في وقتنا الحاضر بعد اكثر من (125) عام من حكم الحرافيش ما يحصل لنا هو وجود فتوات من نوع اخر اشد بطشا وفسادا، فتوات عصرنا يمتازون ويتمتعون بالحصانة ومنهم منتخبون من قبل الشعب ويمتلكون كل عناصر القوة والجبروت يمتلكون السلاح والاتباع والاموال والسيارات المصفحة وجوازات السفر الخاصة ومزدوجي الجنسية وكل هذه الإتاوات والرشاوى والاموال التي تجبى تتم بطرق شرعية من خلال فرض الضرائب على المواطنين وموظفي الدولة (اصحاب الدخل المحدود والدرجات الوظيفية الدنيا) وحرمان الكثير من المعاقين والمكفوفين من رواتب الرعاية الاجتماعية بحجة وضعهم الاجتماعي ودخلهم المادي الجيد متناسين انهم يملكون عاهات جسدية تمنعهم من العمل والقانون والدستور شملهم بهذه الاعانات كل هذه الاقتطاعات من اجل سد العجز في موازنة الدولة وتشريع ذلك بقوانين في مجلس النواب السلطة التشريعية العليا ويستثنى من هذه الضرائب (اصحاب الدرجات العليا والنواب وموظفي الرئاسات الثلاث) اما المواطن العراقي الضعيف واصحاب الدخل المحدود هم من يدفعون ويعملون لكي ينعم المسؤولين بالسعادة كما كان الخديوي واتباعه ينعمون بالسعادة، عالج الفلم طريقة التخلص من ظلم الشقاوات من خلال تجسيد دور البطل للفنان القدير عزت العلايلي دور المنقذ والمخلص (سليمان الناجي) من خلال كسبه حب الفقراء والوقوف بوجه الشقاوات حتى تحقق له ذلك بعد تكاتف ابناء الشعب (الحرافيش) مع المنقذ واثبت ان الشعب اقوى من الشقاوات والحكام الفاسدين حالنا الان يحتاج سليمان الناجي الجديد وكل هذا ممكن ان يتحقق لو تكاتف جميع ابناء البلد واصبحوا سليمان الناجي يدا واحدة لمقاومة ومحاسبة الفساد والدجل والظلم والتفرقة الطبقية بين موظفي الدولة والشرائح الاخرى .

الفرصة سانحة امام ابناء الشعب لتغير المفسدين وبطرق مشروعة يكفلها الدستور كالاستمرار بالمظاهرات السلمية والمطالبة بالحقوق المشروعة وعلينا ان لا ننخدع بحيلهم من خلال الوعود الكاذبة واستخدام العاطفة والدين والمذهب لتفرقتنا وتخديرنا نحن خالفنا مرجعيتنا عندما قالت المجرب لا يجرب وتحملنا نتائج اختياراتنا الفاشلة الان نحن اما نصلح واقع العراق كما اصلح (سليمان الناجي) واقع الحرافيش او نبقى تحت رحمة السياسيين وما يفرضوه علينا من الضرائب والتفرقة الطبقية بين ابناء المجتمع واستقطاعات بالجملة من موظفي الدولة ونبقى مواطنين مهمشين من الدرجة الثانية وتحل علينا الصدقة .

 

احمد عبد الصاحب كريم

 

 

في المثقف اليوم