أقلام حرة

المواجهة الحاسمة بين المرجعية ومحور السعودية

سليم الحسنيأحدث موقف المرجعية العليا في خطبة الجمعة (٢٧ تموز) إرباكاً قوياً في المحور الأميركي وتوجهاته في التدخل بتشكيل الحكومة وصياغتها على المقاسات التي تريدها أمريكا والسعودية والامارات والكويت وغيرها.

كان المحور الأميركي قد استقر رأيه على أن يتولى حيدر العبادي ولايته الثانية من خلال توفير الأجواء له عبر الكتلة الأكبر بتحالف سائرون والنصر والحكمة. وحين برز التقارب بين تحالف الفتح والقانون وعدة قوائم داخل النصر الى جانب قوائم سنية وكردية، شعر المحور الأميركي بأن الكتلة الأكبر التي خطط لها وانتهى منها في الكويت، أصبحت مهددة بحسابات المقاعد البرلمانية، ولذلك أجرى تعديلاً احتياطياً يتمثل في طرح خيارات حكومة الإنقاذ أو حكومة الطوارئ، لإبقاء العبادي في السلطة.

مهدّ لهذا الخيار البديل السيد مقتدى الصدر، بدعوته تعليق مفاوضات الكتل السياسية الى ما بعد تلبية مطالب الجماهير في تظاهراتها الغاضبة. ومقتدى في كلامه هذا يترجم الرغبة الأميركية السعودية، بتعطيل السياقات الدستورية، لأن تلبية المطالب بحاجة الى وقت، وسيصبح هذا الوقت طويلاً لكي يبقى العبادي على كرسيه.

بعد موقف المرجعية، بضرورة الاستجابة السريعة لمطالب الجماهير، والإسراع بتشكيل الحكومة، برئاسة شخصية قوية حازمة كفوءة، واجه المحور الأميركي متغيراً لم يكن متوقعاً. لقد فاجأته المرجعية بموقفها الصريح بان العبادي أصبح خارج المنافسة.

ولإحباط مشروع المرجعية الساعي الى معالجة الخلل والتردي في العراق، وجدت أمريكا أن عليها تصعيد مساعيها بسرعة وفرض خطتها السابقة، فتكثفت لقاءات المبعوث الأميركي (بريت ماكغورك) ببعض القيادات السياسية، مع عروض سعودية سخية لشراء المواقف باتجاه دعم العبادي وفرضه لولاية ثانية.

في اللقاءات الأخيرة التي عقدها (بريت ماكغورك) كان صريحاً في كلامه بان الولايات المتحدة تريد العبادي رئيساً للوزراء، وأنها تعارض بشدة أي منافس آخر، وهذه هي المرة الأولى التي تطالب فيها اميركا بفرض شخص معين لرئاسة الوزراء بهذا الإصرار.

تحت إرشاد واشنطن، تحركت السعودية لتقدم عروضها باستثمارات ضخمة لصالح مسعود البرزاني في حال أيدها في إبقاء العبادي في السلطة.

بهذه التطورات، يكون المحور الأمريكي السعودي، قد دخل مواجهة مكشوفة ضد المرجعية العليا التي تريد إخراج الشعب العراقي من معاناته تحت حكومة قوية.

الكلمة هنا تتحول الى مسؤولية كبرى أمام المواطن العراقي، فالجماهير الغاضبة عليها أن تدرك بأن مرجعها السيد السيستاني في مواجهة مخطط عدائي تقوده أمريكا والسعودية، وأن هذا المحور صارت أدوات ووجوهه معروفة.

تجربة الشعب العراقي ووعيه الذي توّلدت بالمعاناة، تجعله يقف خلف مرجعه الأعلى السيد السيستاني، ليقطع الطريق على مخططات أعداء العراق.

 

سليم الحسني

 

في المثقف اليوم