أقلام حرة
هجرة الارض
لقد استطاع الإنسان تعدّي الحدود في اللّامعقول والوصول إلى حدود خارج منظومته البيئيّة. فقد تعقّب وطوّر واستكشف حتّى اخترق حدود العالم العلويّ كي يصل إلى باقي تفاصيل هذا الكون ويتعقّبها وإن كانت مستحيلة الوصول ..
ومن خلال رحلته العلميّة الّتي انطلقت منذ عشرات السّنين استطاع أن يكتشف أنّ كوكب الأرض ومنظومته البيئيّة والحيويّة هي المكان الوحيد الصّالح للجنس البشريّ والّذي يضمن بقاءه واستمراره، من خلال توافر عدّة عوامل تقويميّة صغيرة كانت أو كبيرة، لتساعد على البقاء الحيويّ للكائن الحيّ عموماً والإنسان خصوصاً. ومع ذلك فقد تنامى الفضول للاستكشاف أكثر والبحث حتّى يعرف المفقودات الّتي لا تتمتّع بها باقي الكواكب كي تكون صالحة للحياة. فاكتشف وطوّر عدّة أساليب لاختراق حدود الغلاف الأرضيّ وتحدّي جاذبية الاوض والوصول إلى حدود باقي كواكب المجموعة الشّمسيّة. وكان هذا الأمر الصّعب والمذهل لا يخلو من الصّعاب والخسائر. فقد خسرت ناسا ووكالات عدد من الدّول الأخرى الكثير من رحلاتها بدءاً من الرّحلة الأولى الّتي لم تنجح في عبور الغلاف الجوّيّ للأرض،وفقد الجاذبية .وبعدها أخذت المحاولات تترى والكثير منها باءت بالفشل إلى أن نجحت المحاولات في الوصول البشريّ إلى القمر والمرّيخ. وكذلك كثرة المصاعب الّتي واجهت الرّحلات بسبب قوّة جاذبيّة المرّيخ الّتي تفوق جاذبيّة الأرض وانعدامها على سطح القمر. فبعد أن وصل الإنسان الى المرّيخ واستطاع أن يكون على سطحه رغم الصّعوبات النّفسية والجسديّة الّتي تعرّض لها، اكتشف العلم أنّ المرّيخ بإمكانه أن يكون صالحاً للمعيشة البشريّة حيث أنّه قريب التّركيبة البنيويّة للأرض. وهو من الكواكب الصّخريّة (وهي ميزة كوكب الأرض) بخلاف باقي الكواكب الّتي تكون بنيتها غازيّة. لذلك سعى العلم إلى الاكتشاف أكثر ومحاولة اتّخاذه بيئة صالحة للعيش البشريّ. وذلك عن طريق بناء مستعمرات مجهّزة بمقوّمات العيش من ماء وأوكسجين وغذاء وغيره حيث أنّ الماء يبدو شبه معدوم على سطح هذا الكوكب وكذلك نسبة الأوكسجين المنخفضة. أمّا تربته فتحتوي على العناصر الضّروريّة لزراعة النّبات والّتي تحتويها الأرض، لذا فقد حاول الإنسان جاهداً التّغلب على جميع صعوبات السّفر لهذا الكوكب حيث أنّ المركبة الفضائيّة وبمجرد عبورها الغلاف الجوي الأرضيّ فإنّ الانسان يفقد الجاذبيّة الأرضيّة، فينخفض نشاط عمل أعضائه الدّاخلية وتتراجع معدّل ضربات القلب بالإضافة إلى فقدان العديد من العناصر المغذّية للعظام. لذا يخرج جسد الإنسان عن حالته الطّبيعيّة. ويكتمل الامر عند سطح كوكب المريخ ذو الجاذبيّة العالية والّتي تفوق نسبة غاز ثاني أوكسيد الكاربون على غاز الأوكسجين وهذه العناصر أجمع قد تحدّ من نشاط الإنسان على الرّغم من توفير كافّة متطلّباته واحتياجاته عن طريق المستعمرات الحيويّة المتكاملة ...
بناء على ذلك فقد تنبّأ العلم أنّه في حدود العام 2033 سيغادر ما يقارب العشرون شخصاً إلى كوكب المرّيخ كي يستقروا عليه ويتّخذونه موطناً غير الأرض وبذلك يمهّدوا لرحلات أخرى تقتحم الفضاء .
السّؤال الأوّل الّذي يطرح نفسه، هل ستنجح الحياة على هذا الكوكب؟ ومن النّاحية البايلوجيّة هل سيأخذ عمر الإنسان نفس الفترة الزّمنية للحياة الّتي يستطيع أن يعيشها على سطح الأرض؟ والسّؤال الآخر والّذي هو أشدّ تركيزاً، ما الذي يجبر الإنسان على تحمّل كلّ هذه الأعباء والمشاق كي يغادر كوكب الأرض وهو الكوكب الوحيد المتكامل والمهيّأ للحياة بتفاصيلها ..؟ هل هو هروب من واقع التّسلّط والظّلم البشريّ الهميمن على عالم هذا الكوكب؟ ثمّ إنّهم إن غادروا الأرض وسكنوا المرّيخ، هل ستنتفي مظاهر القهر والأفعال البشريّة الجائرة؟ فالمغادر هو نفسه الإنسان والإنسان لا يغيّره تبدّل الأماكن والأزمان
سجى الجزائري