أقلام حرة

هموم المدرسة العراقية في موسكو

ضياء نافعالتقيت بمحض الصدفة بمعاون المدرسة العراقية في موسكو الدكتور ثائر اوشانه هيدو، الذي يشغل هذا المنصب منذ عام 2011 ولحد الان . تحدثنا طبعا عن تلك الازمة التي أثارها السياسي الروسي (المعروف!!!) جيرينوفسكي قبل فترة، وكيف سيطر على البناية الخاصة بالمدرسة العراقية آنذاك وطرد التلاميذ والمعلمين وادارة المدرسة بكل وقاحة، وتذكرنا تصريحاته الطنانة و الرنانة عندما كان يزور بغداد كي يقبض (كوبونات النفط) وبقية (الهدايا والعطايا من أعمامه !!!)، وكيف كان يتسوق هو وحاشيته – وبالجملة - من اسواق بغداد من اجل التجارة والمضاربة في اسواق موسكو...الخ، وحدثني د. ثائر كيف اقتحم ابن جيرينوفسكي (واسمه ايغور) بناية المدرسة آنذاك مع مجموعة من حرّاسه، ويقدر عددهم باكثر من (15) شخصا، وكيف سيطروا عليها، وهو عمل يذكرنا بتصرفات العصابات والمافيات.. ان تأمّل هذه الحادثة وتحليلها ودراستها بموضوعية تعني، ان الجانب العراقي الذي يتعامل مع الجانب الروسي غير مؤهل للقيام بهذه المهمة كما يجب، اذ انه لا يعرف ابسط القوانين و التعليمات والقواعد والخصائص الاجتماعية السائدة في روسيا، اذ كان من اللازم والواجب على الجانب العراقي ان يفهم طبيعة العلاقة بين جيرينوفسكي والنظام العراقي آنذاك، وان يستنتج ضرورة فك كل الارتباطات معه على وفق القوانين الروسية السائدة، والا، فانه سيخسر في مجال العلاقات الثنائية بين الجانبين، وتأمّل هذه الحادثة تعني ايضا، ان الجانب الروسي الذي يمثله جيرينوفسكي والذي يتعامل مع الجانب العراقي غير مؤهل اخلاقيا للقيام بهذه المهمة كما يجب، وعليه، فان الاستنتاج الاساسي، او، الخلاصة من دراسة هذه الحادثة تؤكد على ضرورة صياغة الاطر القانونية الدقيقة في كل الخطوات اللاحقة للعلاقات الثنائية، وهذا يعني طبعا العودة الى المبدأ البسيط والعميق والعظيم، الذي نسيناه مع الاسف، وهو – الرجل المناسب في المكان المناسب،ولا مجال هنا للاستطراد اكثر، اذ اننا نريد الحديث هنا حصرا عن هموم المدرسة العراقية في موسكو.

سألت د. ثائر – وكيف وضعكم الان بعد ان اضطرّت المدرسة الى الانتقال الى بناية اخرى؟ فقال انهم استأجروا بناية ب (18) الف دولار شهريا، وان وزارة التربية العراقية هي التي يجب ان تدفع هذه الايجار الشهري الضخم، الا ان هذه الوزارة لم ترسل هذا المبلغ منذ خمسة أشهر، وبالتالي، فان ادارة المدرسة لا تعرف كيف تتصرف امام المؤسسة الروسية المسؤولة عن استلام الايجارات، بل انه أشار الى ان العاملين في المدرسة لم يستلموا حتى رواتبهم خلال هذه الفترة ايضا . تألمّت من هذا الوضع لمؤسسة تقوم بتدريس ابناء العراقيين والعرب في موسكو، وسألته عن الحل لهذا الوضع المتأزم، فقال انه معاون المدير منذ عام 2011 ولحد الان، وانه على قناعة تامة بان هذه المدرسة الضرورية للعراقيين والعرب يجب ان تبقى وتستمر لانها رمز للعراق ودولته، ويجب ان تجد حلا لكل مشاكلها، وانها استطاعت ان تعمل بمختلف الظروف، وانها مؤسسة تربوية عراقية تمتلك تاريخها العريق منذ ستينيات القرن العشرين، وعلى الدولة العراقية ان تحافظ عليها وتحميها، وقال، ان على وزارة التربية العراقية ان تعرف كيف تتعامل مع هذه المؤسسة التربوية الكبيرة، والتي تعمل في اطار دولة مهمة للعراق مثل روسيا الاتحادية .

دعونا نأمل ذلك من وزارة التربية العراقية، رغم كل ما نرى ونسمع ...  

 

أ.د. ضياء نافع

 

 

في المثقف اليوم