أقلام حرة

أحمد الصدر.. كن رجلا وقل كلمتك

صائب خليلفي مناقشة حول الخلاف الازلي بين السنة والشيعة، إن كان النبي محمد قد أوصى بوراثة الإمام علي أم لا، بينت رأيي، بأن النقاش لا داع له أصلا! فسواء كان الرسول قد أوصى أو لم يوص، فإن حصول الإمام علي على الخلافة بالطريقة التي حصل عليها، أي بتفويض وتصويت المسلمين، لهو انبل بكثير من نهج الملوك في توريث أبنائهم أو اقاربهم. ليبق الشيعة والسنة محتفظين بآرائهم حول الوصية، فإن لم تكن فأن الإمام علي قد حصل على صوت شعبه، وربما هذا كان ما أراده النبي أصلا. وإن كان قد أوصى، فأن ما حدث يضيف إلى الوصية، ان الإمام قد وصل الحكم برغبة المسلمين ووصية النبي.

في كل الأحوال، لقد حصل الإمام علي على الخلافة بجدارة ذاته، ولو أنه ورثها بوصية النبي وحدها، لقال خصومه، وهم كثر، أنه ورثها بحجة النسل لا عن استحقاق، ولسار توريث الحكم سنة سيئة، ولأفرغ الحديث الشريف "وأمركم شورى بينكم" من كل معنى له ولعادت الحادثة بالإسلام منذ ذلك الحين إلى روابط الدم والعشيرة التي ادانها الإسلام ووصمها بالجاهلية.

وبالفعل، لقد تم تداول الخلافة بين الخلفاء الراشدين، دون ان يورثها أحد لأي من أولاده، وقد كان لهم أن يفعلوا ذلك لو أرادوا، فأبوا، لتصل إلى الإمام علي، نقية من تلك العادة المتخلفة المسؤولة في أغلب الأحيان عن تسليم أمور البلاد والعباد إلى الجهلة وحتى المختلين. فالوراثة لا تفرق بين صالح وطالح، فلطالما كان لخير السلف، شر الخلف.

حين شاهدت هذا الفيديو(1)، وقبله أيضا فيديوهات أخرى يقوم فيها الصدريون عنوة وبطريقة مفتعله، بدفع الشاب أحمد إلى الأضواء، وتقديمه كسياسي مستقبلي، و(رجل سياسة) لمجرد كونه سليل عائلة كريمة، ورغم ان احداً لم يسمع له رأياً سياسياً حتى اليوم، ادركت أنها الخطوة التالية في هبوط التيار الصدري. لقد كان في بداية الاحتلال، ذلك التيار الذي اصر أبناؤه في مجلس النواب وفي الساحات على خروج الجيش الأمريكي. وله يرجع الفضل الأول بتنظيف العراق منهم (ولو لوهلة)، ثم تحول الى تيار قنابل صوتية وتهديد بالعنف الجسدي واللفظي لكل عراقي يعترض عليه أو حتى يطالب بدليل على صدق قادته، وأخيراً هاهو يريد اقناعنا بتوريث "الخليفة" الجديد، بالموسيقى والهتاف وليس بمبارزة جدلية تثبت لنا أفضليته.

أحمد العزيز، إن وصلك صوتي هذا، ولم تسكرك الأضواء والإغراءات بعد، فإني أقول لك: ابتعد عن هذا الفخ! إياك ان تصدق ما يقوله المخادعون عن “عبقريتك السياسية” و “قدراتك الذهنية” الموروثة التي تؤهلك للقيادة. إنهم كاذبون، وأنت ما زلت اصغر عمراً وأقل علماً من ان تمتلك ما يلزم لها. إذهب وادرس وتأمل بهدوء. أنظر إلى ما يحدث في بلدك وحلله وحاول ان تفهمه إن استطعت، ولتكن لديك الحكمة والشجاعة لترفض الإغراء، عندما يأمرك ضميرك بالرفض.

إن كثرة الهتافات لن تستطيع أن تجعلك أقدر على حل مسألة رياضية والوصول إلى الناتج الحسابي الصحيح، فلماذا تظن أنها ستجعلك أكثر قدرة على تقدير الرأي السياسي الصحيح؟ إنها تستطيع فقط أن تجعلك أقدر على تغطية أخطائك وغفلاتك، مثلما تغطى زلات الملوك وحماقاتهم المدمرة. إنها تجعلك اكثر قدرة على خداع نفسك وخداع من يثق بك، لا أكثر!

أحمد العزيز، إنها لحظة الصدق، فكن رجلا، وأخبرهم أنك لا تستطيع أن تقودهم.

قل لهم أنك لا تريد أن تبدأ حياتك بالكذب وادعاء ما ليس فيك، كما يفعل الكثيرون هذا اليوم

قل أنك لا تريد أن تتحمل مسؤولية لا طاقة لك لتحملها على أكمل وجه..

كن رجلا وقل لهم أنك لا تريد أن تضيف لشعبك قائداً آخر غير مؤهل للمهمة...

ليكن وجهك صادقا، لا ممثلاً يسأل المخرج عن ابتسامته، ويسلم وجهه للماكيير قبل التصوير، ليحسن خداع من يراه

إن مسرحيات ملاطفة الأطفال علناً صارت مفضوحة تثير الضحك والاشمئزاز، ولا تذكر إلا بالطغاة وحيلهم الرخيصة..

ابتعد عنها...وارفض أيضا أن تتظاهر بالانتباه إلى الجانب، وكل تركيزك الحقيقي على الكامرة، وكيف سيبدو وجهك فيها..

قل لهم أنك ترفض ان تكون مهرجاً يرقص كي يدهش البسطاء الذين يثقون به ويستغلهم، أو يكون اداةً لاستغلالهم.

قل الحق الصعب الذي لا يريد من حولك سماعه.. ويفضلون الهتاف والسير دون سؤال

إنهم بحاجة اليك فعلا، شرط أن لا تبدأ بطريق الكذب والغموض المفتعل والتبجيل الفارغ، وإلا فما انت مجديهم نفعا.

أخبرهم أن عليهم ان يستخدموا عقولهم ليميزوا الحق، وأن يروا الرجال بالحق، وليس الحق بالرجال... كما أوصى الإمام..

كن رجلا ولا تستلم الزمام إلا بإثبات جدارة فعلك، وحدك بلا مساعدة احد، كما فعل جدك، لا بنسبك كما فعل يزيد..

 

صائب خليل

....................

(1) فيديو ترويج للشاب احمد الصدر

https://www.facebook.com/Gov.Citizen/videos/269596226984224/

 

 

في المثقف اليوم