أقلام حرة

لافتات نثرية

1- هل لدينا نحن العراقيين عقدة شرف: مالذي يحصل في عالمنا هذا الصغير،هذا العراق الذي طالما ابناؤه يتغنون بماضيه بعراقته بكرمه ونبله، ما سر التجاوزات التي تحصل في مواقع التواصل الاجتماعي في كل قضية يتم التناقش بها وبمجرد التوقف على طرفي نقيض بين اثنين مباشرة تبرز قضية التسقيط وتناول الاعراض ومس الشرف . قد نتفهم بعض الشيء حينما نوصف من قبل المسلمين المتطرفين نحن الشيعة من اننا ابناء زنا ابناء متعة وكثير من الاوصاف وهو نتاج الحقد المقدس الذي توارثته الجاهلية جيلا بعد جيل وما اسرفه ابن تيمية من غل في قلوب من حجبتهم العلل عن رؤية الحق ..لكنني لا افهم معنى ان تصبح امهات العراقيين كلهن زانيات في المحصلة عندما يكون عدم التفاعل او قبول الاخر هو الدليل القطعي لان يكون ابن زنا او ان يكون لقيطا او على الاقل ابن حيض، كنت اعتقد ان الصدريين كما يسمون انفسهم زورا هم الوحيدون الذين يرمون من يشاكسهم او لايؤيدهم او قد يمسهم بكلمة هم او قائدهم يتجرأون باللفظ السيء والطعن على الامهات العراقيين وبالجملة لكني تفاجئت ان هذا المنهج منهج عام عند كل المؤدلجين ورعية الاحزاب والكتل لكن بنبرة قد تكون مؤدبة بعض الشيء كمثل ان يقول لمعترضيه او لمن لايقيم وزنا لقدسية سيده من انك لابد ان تبحث عن اصلك وعن طهارة امك او ان يصف مناويئيهم كما وصف مناوئي علي ابن ابي طالب عليه السلام انه لايبغضه الا ابن زنا او ابن حيض حيث يجعل صنمه قبالة علي عليه السلام اي كارثه تحل بنا واي سقوط هذا الذي اخذ يتدحرج ككرة الثلج يوما بعد يوم اذ تزداد هذه الوتيرة تشعرك ان لا ثقافة ولا ادب ولا دين عند هذا الكم الهائل من العراقيين... صبت علينا البلاءات صبا ولا نتعض، وتقول الاشرار عنا كل قائلة اذ لا نتحرز من ان نصاب بعلل اهونها انفكاك اواصرنا وتفرق شملنا،فلنتجنب هذا الداء الدفين فهو شر مستطير نسأل الله ان يجيرنا ويجنب اهلنا وذوينا مساوءه.

2 - حين لا يبقى للخيانة من حد

في هذا الزمن الذي شحت فيه الكثير من القيم التي طالما كنا نتغنى بها ونرفع عقيرتنا امام امم نعدها من الكافرين وقد صدقنا اننا امة قد خلت من قبلها الامم ولم تبقى للمكرمات خصاصة الا واعتملتها نفوسنا او ان ميزان التقوى لدينا قد ضاقت كفتة فليس للشيطان مندوحة فيه، او كان اكرعة الهدى لم تبقي للسائلين من ثمالة كي ترتوي من معينها بعد ان نضب منا، وفي هذا الزمن الذي احتارت الحقارة كي تتفيا في غير ظلنا او ان تجد من يستميل لواءها بابخس منا فيما نحن فيه، فليت محمد (ص) لم يبرز بين ظهرانينا وليت رسالته بعثت لاقوام غيرنا فلعمري لم يهنا فؤاده من امته التي استباحت حرمته حيا وميتا فاي سوء اشد من ان تنسلخ الامة عن تعاليمها او ان تهتك سترا كلله الله عليها لينكشف المستور وتبدى عوراتنا ليستهين بنا الرفيع والوضيع وتستل علينا سيوفا كانت بالامس ترتجف خوفا من بريق بيضنا وهي في اغمادها .

يكاد القلب يخرج من مكمنه وانت تسمع بقصص عن اناس اوغلوا في الخيانة او الغدر او ربما تشاهده في عمل درامي يستفزك ليخرجك احيانا من طورك الملتف بطوقه او ربما تتمنى ان تقتص من الجاني على فعلته ناسيا ان هذا الفعل ماهو الا تصوير لخيال اراد ان يريك قبح الفعل . فمذ كنا صغارا ولا زلنا تثيرنا قصص الخيانة وتربكنا لقباحتها وعظيم خطرها في تفكك عرى المحبة واواصر الاخوة بين بني البشر لان الخيانة اعتى واقوى معول من معاول التهديم في نسيج المجتمعات وارتهان الانسانية بيد الهمجية التي تابى حتى الكواسر والضواري ان تصل الى الحد الذي يصل الخائنون الى ماوصلوا اليه من الاستهتار بالقيم والاعراف التي تجعل لشريعة الغاب مكانا للعيش بدلا منهم . فوصف الخائن لا يمكن ان يسعه القرطاس بما يبتله القلم، ومايسمع اهون مما يرى، والذي يقع على الغير اقل صرامة لما يقع على المرء بذاته، والانكى من هذا وذاك حين يكون الفعل ممن وثقت به واتخذته لنفسك خليلا وحسبته نجيبا لا يصل اليه الشك من قريب ولا بعيد فاستل مخالب الغدر والخيانة ليهدم ذلك الصرح العظيم الذي نسجته بطيب القلب والفطرة السليمة وليحرك في قبالة ذلك مكنون الشك الذي افلت عقاله من بعد هدات الفواد ليصبح الفعل معقودا بالريبة والظن .

ان للتربية الصالحة والتنشاة المتوازنة باختلاف الازمنة والامكنة لهي على قدر عظيم في انتاج جيل يتولى قيادة المجتمع الى المعالي لينهل من عذب معين ديننا الحنيف الذي لم يترك شاردة ولا واردة الا وذكر لنا سيئاتها ان كانت قبيحة او حسناتها ان كانت حسنة، ان النكوص المذل الذي وصل اليه المجتمع لهذا الحد ماهو الا نتيجة للابتعاد عن المباديء السامية التي طرحها الدين الاسلامي العظيم والانحراف الكبير عن جادة الحق والصواب التي اغدقها علينا نبينا الاكرم والال صلوات الله عليهم اجمعين .

فالى كل من اكتوى بنار الخيانة وجحيمها وذاق طعم الغدر ومرارته، والى من غرته العلاقات بوهم الاخوة والصداقة لنعومة ملمسها وطراوتها وجمال وجهها وعذوبتها من غير الالتفات الى مخافيها ومكامنها او ان يرهن علاقته بالظاهر من قشورها ويغفل عن باطن لبها .

الى كل من صدمته الخيانة بفضاعتها واعيته بفضاضتها ان يرعوي بما لا يقبل التهكم ان لفيف الخائنين مرهون بما جبلت عليه انفسهم وان تجارتهم رائجة عند اهل الغفلة، وان الطيبين والاوفياء لازالوا بذات الشرف والعفة فلا تعدم الامانة لشرذمة الخونة او ان تمنع الصدق لتزلف الغدرة على ابواب النجباء ولايغرنك امتلاء بطون الاغنياء بالناي عن معاينتهم او ان تجعل حبائل الشك والريبة على من خوت بطونهم اذ افتقروا فالامانة غير معقودة بالغنى ولا الخيانة مرتهنة بالفقر.

 

يحيى الكفائي

 

في المثقف اليوم