أقلام حرة

البصرة وأهلها بين المُثقفين المُدّعين والساسة الطارئين

علي المرهجأظن أن بعضاً منّا نحن الكُتّاب لا نختلف عن الساسة كثيراً، فكثيرٌ منّا جعل من البصرة أيقونة ونبراس للوطنية وهي وأهلها يستحقون، ولكن في طيّات خطاباتنا ما يشي بالمُتاجرة.

عش بعضٍ من أيامك أيها السياسي الطارئ أو المثقف المُدّعي في البصرة وإشرب من مائها، وتحمل مرارة العيش، ثم تحدث عن آلام أبنائها.

دع جسمك يتشرب بماء البصرة، بأملاحه وبكل (ميكروبات) و(بيكتريا) ما خلق الله، ثم جفف شفاهك و إمضغ ملحها ودع جهازك الهضمي أمانة بيد وزيرة الصحة (عديلة) التي لا عدل فيها لا في قولها ولا في خلقتها، ليكون مصيرك البحث في صيدليات البصرة عن أنبوبة مُغذٍ، وأنت لا تمتلك ديناراً ولا درهماً ولا فلساً من نفط البصرة!.

لا يختلف كثيرٌ من المثقفين المُدّعين، ولا أستثني نفسي إن حسبني البعض على المُثقفين عن الساسة الطارئين الذين جعلوا من البصرة وأهلها خطاباً للمُطابقة أو الاختلاف، مُطابقة جمع المُتظاهرين والاختلاف مع الحكومة.

تاجروا ثم تاجروا مثقفون وساسة بدماء أهل البصرة كي يُقال عنكم أنكم وطنيون، وتاجروا حتى تُصدّقوا أن مُتجارتكم هذه لا مُراباة فيها ولا احتيال، وإن بدأتم بمُتجارة واحتيال وصدّرتم خطابكم على أنه محض محبة لأبناء البصرة، وليست المشكلة فيما تقولون لأنكم مُحتالون، إنما المُشكلة أن كثيراً منكم صدق كذبته وتماهى معها، وتناسى أنها كذبة في إدّعاء وطنية هي من نسج خياله!.

بل أن بعض من الحكومة التنفيذية ممن هم من أهل البصرة وحكومتها المحلية ومن الذين كانوا أس السفه السياسي وفقدان ميزان الوعي بحاجات مُجتمعها حاول أن يُصدّر خطابه على أنه رام أن يكون ميزان عدلٍ فما قدر، والأسّف منه بعض مُثقفينا من العراق والبصرة تفاعلوا مع خطاب الاختلاف والمُغايرة هذا بعد فوات الأوان وتناسوا أن من أسباب (خراب البصرة) هم ساستها من الذين تسنموا أمورها في الحكومة المحلية تنفيذياً وفي الحكومة الاتحادية تشريعياً.

أظن أن في البصرة رجال فقهوا اللُعبة، وكفى بها أنها حتضرة الجنوب والناطق الرسمي بحقانية أهلها والمعبر عن مظلومية شعب.

فكان أهل البصرة وما زالوا هم المنتفضون ضد ظُلم الحُكّام، فأول رفض لنظام صدام (الدكتاتور) أعلنه أهل البصرة، وهم اليوم شعلة (الأولمب) الأولى لرفض التبعية لأحزاب سياسية تدعي أنها عراقية، ولكن أتباعها أذناب لدول إقليمية.

البصرة مدرسة في الوطنية.

 

د. علي المرهج

 

 

في المثقف اليوم