أقلام حرة

لاسلحة الحسينية في عاشوراء

قد يكون هذا العنوان الذي اخترته لمقالي، غريبا، ومثيرا !!، وقد يتساءل المرء، واية اسلحة فتاكة استخدمها سيد الشهداء (ع)، في ثورته المباركة، هل كانت النسوة المسبية سلاحا فعالا في المواجهة مع جيش امبراطورية الامويين الجرّار؟ وهل كانت الطفولة البريئة المذبوحة من الوريد الى الوريد، سلاحا فعّالا ماضيا في ميزان القوى غير المتكافيء؟ وهل كان عدد انصاره القليل الذي يواجه به جيش دولة جرار، هو سلاح ماض في معركة غير متكافئة في العدد والعدة؟

قد يقول لي القاريء، ومن حقه ان يطرح الاسئلة، ويثير علامات الاستفهام، عن اية اسلحة حسينية تتحدث؟؟!! .واقول في جواب هذه التساؤلات :

الامام الحسين عليه السلام ثائر من طراز فريد، لايشبهه اي ثائر، فنحن قرأنا التاريخ وقرأنا تأريخ الثوار، وقرأنا الثورات التي حدثت في التاريخ، فوجدنا أن اكثر الثوار كانوا طلاب سلطة، كانوا يبحثون عن المواقع والمناصب، وان تستروا بشعارات الحرية والانسانية، ووجدنا اكثر الثورات التي رفعت شعارحقوق الانسان والدفاع عنه، تحولت الى ممارسات اجرامية، كُمِمَت فيها الافواه، وصودرت الحريات، ونصبت اعواد المشانق .

الامام الحسين كان الثائر الوحيد الذي لم يخدع اتباعه، بل اوضح لهم الحقيقة بكل بشاعتها وقسوتها، كما جاء في كتابه لبني هاشم : " من لحق بنا استشهد ومن تخلف عنا لم يبلغ الفتح "، لم يَعِد اتباعه بسلطان، ودنيا وقصور، والاكثر من ذلك، ان الامام الحسين (ع)، يأمر اتباعه، ان يتفرقوا عنه، وفي سواد الليل وجنح الظلام، : ( هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا) . نحن نرى القادة يبحثون عن الاتباع، ويدفعون اثمانا كبيرة، واموالا طائلة لتحشيد الاتباع والانصار، بل ان معظم القادة السياسيين يرشون الناس ليشتروا اصواتهم .... لم نجد قائدا في التاريخ بهذا الصدق والوضوح مع جماهيره

الامام الحسين اصدق وانبل قائد عرفه التاريخ، وثورته انصع واطهر واصدق الثورات .

ماهي الاسلحة الحسينية في كربلاء؟

الذين يخطئون في فهم الثورة الحسينية، ويصفونها بانها معركة خاسرة ؛ لان القوى غير متكافئة، وكأنّ الامام الحسين عليه السلام، لايحسن التقدير، او يصفون الامام الحسين بانه اقدم على عملية انتحار سياسي، راح ضحيتها هو واهل بيته واصحابه، في معركة غير متكافئة .

هؤلاء يقيسون الامام الحسين بالقادة السياسيين والعسكريين الذين مروا بالتاريخ، ويقيسون ثورته بسائر الثورات .... لو كان الامام الحسين طالب ملك، وسلطة سياسية، لكان كلامهم صحيحا، ولو كانت ثورته كسائر الثورات الطامحة للوصول الى السلطة، لكان فهمهم للامور صحيحا ... ولكن الامام الحسين عارف منذ البداية انه مقبل على الشهادة، وان المعركة ستنتهي باستشهاده، واستشهاد اهل بيته واصحابه .

الامام الحسين طالب اصلاح، لاطالب سلطة، ومشروعه مشروع اصلاح لامشروع سلطة، واهدافه اهداف الهية لااهداف دنيوية ( وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي).

نعم، بالمقاييس المادية، وبمعايير السلطة، الحسين عليه السلام خسر المعركة، ولكن بمعايير القيم والاهداف النبيلة، كان الحسين عليه السلام منتصرا، وسجّل اسمه في صفحات الوجود، ولاتستطيع قوة في الكون ان تزيل اسمه، هذا هو الخلود، وهذا هو الانتصار الحقيقي، انتصار القيم والمباديء، وخصومه هم المهزومون حقا وان حكموا سنوات، ولكن هذه السنوات البائسة لاقيمة لها في مقاييس الخلود، وعناوين الشرف والمجد، والبطولة والاباء .

الامام الحسين (ع) استخدم اسلحة تختلف عن الاسلحة المستخدمة في المعارك العسكرية، استخدم سلاح المراة المسبية، وسلاح الرضيع المذبوح، وكانا سلاحين فتّاكين عملا عملهما في اسقاط الدولة الاموية، وطوي صفحتها، وبقي الحسين عليه السلام ملهما للثورات، فكل الثورات التي جاءت فيما بعد حملت شعار (يالثارات الحسين) . واستخدم الامام الحسين سلاح المظلومية، الذي كان من اقوى الاسلحة في الانتصار، هذا السلاح الذي وظفه غاندي في انتصاره على القوات البريطانية المحتلة للهند . يقول غاندي : ( تعلمت من الحسين، كيف اكون مظلوما فانتصر). المظلوميات التي شهرها كسلاح ماض في المعركة، كانت مظلوميات حقيقية ومظلوميات صادقة، الصهاينة شهروا سلاح المظلومية، ووظفوا مظلوميات كاذبة، ومبالغ فيها حتى حققوا حلمهم القومي في اقامة دولتهم على ارض فلسطين، وهم الى الان يبكون امام حائط المبكى، وينادون بالويل والثبور، انه استخدام وتوظيف ماكر لسلاح المظلومية . ولكن نحن عندنا مظلوميات حقيقية، وصادقة، لانحسن توظيفها بالاستفادة من الثورة الحسينية .

البصيرة والاستماتة من الاسلحة الحسينية التي ارعبت العدو، والتي اشار اليها احد اركان جيش العدو: (اتدرون من تقاتلون، تقاتلون فرسان المصر، واهل البصائر، وقوما مستميتين ..)، كان الصراع في كربلاء، صراع ارادات لاصراع قوى، وانتصرت ارادة الحق فيه على ارادة الباطل.

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم