أقلام حرة

مشاركة المرأة أفقيا أم عموديا؟.. رئيس الجمهورية مثالا

عامرة البلداويدعمنا وندعم المشاركة السياسية  للمرأة ، ولطالما راقبنا وانتقدنا الأكتفاء بالمشاركة العددية في مجلس النواب عن طريق  كوتا النساء (25%) التي حددها الدستور في المادة (49- رابعا)، بعد خمسة عشرة عاما هناك تراجع في مشاركة المرأة في السلطة التنفيذية في كافة المناصب  نبدأها بمنصب الوزير ووكلاء الوزارات  والمستشارين  والمفتشين العموميين ورؤساء الهيئات المستقلة وغيرها، اما التراجع في السلطة التشريعية فلو استثنينا هيئة الرئاسة   فأن تراجع مشاركة المرأة  صارخا في رئاسة اللجان الدائمة  ونيابتها، والمشاركة في لجان التفاوض والمشاركة في جهود المصالحة، اما على المستوى المحلي وفي  المحافظات ومجالس المحافظات  فلم تتوفر للمرأة اي فرصة لتكون محافظا او قائمقاما، كما ينبغي المطالبة بنسبة  25% في رئاسة لجان مجالس المحافظات لعضوات مجالس المحافظات المنتخبات . ان هذا التراجع يثير سؤالا  منطقيا، هل المرأة لم تنشط في ترشيح نفسها، الجواب كلا ففي الأنتخابات الأخيرة  كان حماس النساء للترشيح واضحا (645) مرشحة مايعادل 30% من المرشحين في محافظة بغداد (على سبيل المثال)؟هل المرأة لم تنشط في الأدلاء بصوتها، كلا بالتأكيد  فمنذ  انطلاق  العملية  السياسية وانتخابات 2005  والنساء هن الأكثر عددا بين الناخبين متحديات خطر العمليات الأرهابية والسيارات المفخخة خاصة في انتخابات 2006، هل هن منخرطات في العمل السياسي اي مشاركات فعلا في عضوية الأحزاب التي تمثل مساحة العمل السياسي؟ الجواب نعم وخاصة في انتخابات 2014 والانتخابات الأخيرة بشكل خاص كونها جاءت بعد تطبيق قانون الاحزاب  السياسية  وأن كان هذا لايمنع من مشاركة النساء  المستقلات .

ان دعمنا  لمشاركة المرأة سياسيا مبني على أساس تغيير منهج التفكير والنظرة النمطية لدور المرأة وهذا يتطلب وجودها في كافة مراكز القرار بنسب  تتلائم  ووجودها فيها، اي لايتم أقصاء المرأة من اي  مركز من مراكز القرار في حقول العمل كافة حتى يصبح وجودها ثقافة عامة، وهذا يعني ان تكون مشاركتها على مستوى افقي، أي منتشرة وواسعة ومتغلغلة في كافة المفاصل، من وجهة نظرنا لايكفي ان تنصب أمرأة في منصب رئاسي اذا كانت مختفية في كافة مجالات الحياة السياسية، كما ان استمرار المطالبة بتحقيق حصة ما  للمرأة في معظم مجالات العمل السياسي هي جزء من التمكين السياسي الذي يدعم خلق نخبة سياسية نسوية يمكنها  ان تمثل العراق في المناصب الرئاسية لاحقا .

نعتقد ان القفز عموديا الى منصب رئاسي دون مشاركة مرضية للنساء  يضر بالمشاركة الصحية التي نتمناها ، ولن  يساهم في توفير  ثقافة مجتمعية لاتغيب فيها المرأة ولايستكثر عليها  أرفع المناصب، لاينكر ان الساحة السياسية لاتخلو من النساء اللواتي مارسن العمل السياسي وكن علامات بارزة في مجلس النواب، ولكنهن  لم يستطعن أقناع  رؤساء الكتل  (زملائهن) الأقرب لهن  من المشاركة في اي مفاوضات  لأختيار الرئاسات الثلاث منذ الأنتخابات الأولى الى يومنا هذا، كما ان بعضهن بالرغم من كونهن  من قادة أحزابهن  الا ان هذا على أرض الواقع  لم يتحقق  أذ لم تكلفهن أحزابهن برئاسة وفد تفاوضي او وفد لمهمة سياسية ما الى بلد او كتلة سياسية او قضية من القضايا .

نحن لانستكثر  على المرأة العراقية منصب رئيس الجمهورية ونعتقد ان المرشحة السيدة سروة عبد الواحد تستحق كما غيرها من النساء اللواتي عملن في العمل السياسي بكل جد ونشاط من 2003 الى يومنا هذا يستحقن ان يبلغن هذا الهدف ويتسنمن  المنصب الأرفع  في الدولة بجدارة منحتها لهن التجربة الصعبة والمعقدة التي نمر بها في بلدنا الممتحن بأنواع التحديات . كما اننا لسنا مع الحفاظ على انماط التوافق المحاصصي الذي قسم المناصب  الرئاسية  مذهبيا وقوميا، وحتى لسنا مع أحترام هذا العرف او الأبقاء عليه لأن ذلك ببساطة مخالفة صريحة للدستور الذي بين في المادة (68) شروط الترشيح الى هذا المنصب الذي يشترط الهوية العراقية اساسا في ذلك ولاشيء سواها من الهويات التعريفية الأخرى .

مرة أخرى نقول، مالم نشتغل على انفسنا كنساء جمعا وليس افرادا، لاتفكر واحدة منا  بالترشيح لمنصب بل علينا وضع سياسة التواجد النسوي في كل المواقع  أفقيا، ولننتظر توزيع رئاسات لجان المجلس النيابي، ولنراقب ماذا ستصنع النساء البرلمانيات؟ هل سيستطعن جميعا أقناع  رئاسة المجلس وكتلهن واحزابهن بنسبة لاتقل عن 25% من  الرئاسات؟ لننتظر مواقفهن من التشكيل الوزاري هل سيقبلن ان تمنح وزارة واحدة للنساء كالعادة؟ العمل الجماعي المنسق من داخل مجلس النواب هو من سيحقق  المشاركة الأفقية الفاعلة المنشودة  سواء في  السلطة التنفيذية او التشريعية

 

د.عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم