أقلام حرة

تونس.. الاجنحة المتكسرة

ميلاد عمر المزوغيابتلي الشعب التونسي بمجموعة من طلاب السلطة ونهب الاموال، أطلقوا على أنفسهم (الترويكا)، عملوا ما في وسعهم على تصدير عمالة غير ماهرة الى الخارج لإحداث اعمال شغب وقتل وتدمير لشعوب كان الى الامس القريب تتمتع بالاستقرار، فأصبحت المنطقة بأكملها على صفيح بركان، قتلى ومشردين، دمار طال كل معالم الحياة ولم تسلم دور العبادة ورجال الدين المعتدلين.

لقد خدع نداء تونس ناخبيه من انه لن يشكل حكومة توافق مع الإسلاميين في حال فوزه بالانتخابات، الا انه سرعان ما تراجع عن ذلك مبررا بان المرحلة تستوجب تظافر كل الجهود لأجل القضاء على الإرهاب والتسريع في انتشال الاقتصاد المتردي وخلق فرص جديدة لآلاف العاطلين عن العمل والحؤول دون انخراطهم في التيارات التكفيرية الجهادية، فهل تحقق ذلك؟ استبدل الثلاثي برباعي، تشكلت حكومة محاصصات وليست كفاءات، لم توضع حلول ناجعة للمشاكل المختلفة ما أدى الى تفاقم الازمة في تونس.

وهم التوريث أصبح يجري في عروق كل من انس في نفسه الكفاءة وارتأى ان الشعب سينخدع ببطولاته الوهمية، هكذا فعل الباجي ليخلفه ابنه في زعامة الحزب ومن ثم تونس، نسي او تناسى ان الجماهير لم تعد قابلة للاقتياد، فهي ان أخطأت مرة الاختيار فحتما ستصلحه في أقرب الآجال، الباجي يقول بانه يسير على نهج البورقيبية، لكن بورقيبة لم يورث ابنه، بل ابعده عن السياسة فكان مثالا للقائد الرمز ،تربع على العرش، ظل طوال حياته في قلوب الملايين من شعبه ،انه بحق مؤسس تونس وباني نهضتها "المختلفة كليا عن نهضة الغنوشي "، لعل أولى الضربات لفكرة التوريث أتت من داخل الحزب الذي لم يعد يحظى بالأغلبية النيابية ما يعني انه لم يعد قادرا على تشكيل الحكومة وفق اهوائه، قد يرمى في زاوية المعارضة وان ابدت النهضة حرصها الشديد على مساندة النداء في محنته والرضى ببعض المناصب، فالرجال مواقف!،الاخوان يطبقون منهاج (التقية)، يعملون لتحقيق مصالحهم وما تمليه عليهم الظروف ومستعدون للتضحية باي شيء، طالما يوجد من يدفع اكثر، يسعون الى إقامة امبراطورية إسلامية ولا يعترفون بالدولة القطرية، النهضة كانت قاب قوسين او ادنى من ان تجعل من تونس مقرا عاما للإخوان عقب افول نجمهم في مصر، لكن الشعب التونسي كان جد متفطن واجهض المشروع في مهده بعد ان رأى جرائمهم في ليبيا ومصر وتحالفهم مع الجماعات المتطرفة .

التحالف بين النداء والنهضة رغم اختلافهما أيديولوجيا، جعل منهما "حسب راي الشيخ الغنوشي" جناحان لطائر اسمياه تونس، ما اثار حفيظة بقية الكتل السياسية، على الشرفاء من أبناء تونس ان "يقصّفوا" الجناحين المفتعلين قبل فوات الأوان، هذان الجناحان ان تركا حتما سيقودان البلد الى المجهول، بلد برأسين "شيخين" لن يقو على البقاء.

حتى الساعة، لم تحسم الأمور بشأن اغتيال شخصيتين وطنيتين، بلعيد والبراهمي، وهناك حديث عن إخفاء معطيات مهمة في قضية بلعيد من شانها المساعدة على كشف الحقيقة، كيف يحدث ذلك في بلد كانت أجهزته الامنية مشهود لها بالعمل الدؤوب على استقرار الامن وكشف اية اعمال اجرامية!، خمس سنوات من الاقتصاد المتدهور، وحالة من الانفلات الامني، يلقي المسؤولون باللائمة على دول الجوار، جميعنا يدرك ان تونس تحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول الممونة للإرهاب من حيث عدد رعاياها المنخرطين الآخذ في الازدياد.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم