أقلام حرة

البشر سفّاك دماء!!

صادق السامرائيسفك الدماء غريزة متأصلة راسخة في أعماق البشر، وبرغم السلوكيات الجانبية المتنوعة القاضية بقتل المخلوقات الأخرى بصيدها ونحرها وسفك دمائها، لكن البشر يبقى متعطشا لسفك دماء أخيه، وشعوره بالحياة وبوجوده وقوته عندما يقتل شخصا ما من بني البشر، تحت شتى المسوغات والمبررات التي تهدف إلى هدر الدم وحسب، خصوصا عندما لا يناله العقاب القضائي.

إنها حاجة ملحة وقوية، لا تقمعها ما يسفكه البشر من دماء المخلوقات الأخرى، ولهذا فأن الحروب متواصلة منذ الأزل، ولن يهدأ أوارها مهما توهمنا بتقدم حضاري وإرتقاء سلوكي، فهذه الغريزة لا يمكن تهذيبها وتطويعها مهما حاولنا.

وقد عجزت كافة الأديان على الإمساك بها وترويضها، بل أن الكثير منها جعلت في منطلقاتها ما يساهم بممارستها وفقا لتخريجات مروعة وفتاكة، ولهذا فأن الأديان قد ساهمت بأعظم سفكٍ للدماء، فهي التي قتلت من البشر ما لم يقتله أي سبب آخر غير الدين.

ولا يشذ دين عن دين في سلوك سفك الدماء، ولا يوجد دين يخلو من آليات سفك الدماء، والحث على القتل الشديد بإسم ما فيه من المنطلقات.

وفي زمننا المعاصر المدجج بأسلحة فتاكة صار السلوك يمتلك قدرات تدميرية أكبر، ومهارات نحر وسفك للدماء لم تعهدها البشرية من قبل، فالبشر لا يكتفي بالقتل الخالي من لون الدماء، وإنما يريد دما مسفوحا ليرضي رغباته الشريرة ويحقق إرادة أمّارات السوء التي فيه.

".... أ تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء...." البقرة 30

ولذلك فالذين يتمنطقون بالرحمة والألفة والأخوة الدينية إنما هم من الواهمين الساذجين، فحتى الدين يقتل المنتمين إليه بأسباب يختلقها ويحقق تلك الرغبة الدموية فيها، فكم قتل المسلمون من المسلمين، وكذلك المسيحيون من المسيحيين وغيرها من أديان البشرية، التي تجد الأعذار والمبررات لقتل المنتمين إليها، بحجة وأخرى، ينطلق بها مَن تمكن من التعبير عن عاهات ما فيه بإسم الدين.

والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تُحصى، ونجدها واضحة في عالم اليوم، كما هو حاصل في مجتمعات المسلمين، التي تحوّلت إلى مجاميع متناحرة وأحزاب متناثرة، القاتل فيها ينادي ألله أكبر والمقتول يقول أشهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله، وتلك مأساة دين بدين، وغضبة نفس شريرة على عقلٍ ودين.

فهل سيتمكن البشر من ردع سلوكه المشين؟!!

وهل سيرتقي البشر إلى بعض إنسان لتتحقق السعادة ويعم السلام؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم