أقلام حرة

50 خرافة سياسية شائعة بين أبناء الشعب العراقي

صائب خليللا شك أن حشر خمسين مشكلة وموضوع في مقالة واحدة، فيه الكثير من التجني على تلك المشاكل وعلى القارئ أيضاً. فمن المؤكد انه لا تلك المشاكل ولا القارئ سيحظى بمناقشة وافية على أي منها. أعتذر لذلك، لكني الجأ إلى هذه الطريقة بسبب العجز عن ملاحقة التراكم السريع للمواضيع التي يجب معالجتها، رغم تخصيصي الكثير جدا من الوقت لها، والتي كنت أؤجلها لعليّ أتمكن من ايفائها حقها يوماً.

فهذا تجميع لأهم ما اعتبره من وجهة نظري "خرافات سياسية"، تنتشر في العراق بدرجة كبيرة (حاولت ضغطها في 50 نقطة).

بشكل عام فأن غالبية هذه الخرافات قد تم تثبيته بشكل متعمد من خلال الاعلام المضاد الذي يسيطر على العراق تماما، إلا ان البعض الآخر عفوي أو بسبب عدم دقة استخدام اللغة. ويلعب التفكير المتمني المتعجل للوصول الى حل ما لأزمة تضيق، دوره في الإيحاء بالخطأ وتبنيه وتثبيته. التمني الذي يدفع المرء لقبول أي حل كان، بدون تفكير. لكن هناك حكمة صينية تقول: "لا تهدم جداراً قبل ان تعرف لماذا تم بناؤه". فهل هناك اية ضرورة لم ادركها، لذلك الشيء او النظام الذي ادعو للتخلص منه؟ هل ستترك ازالته ثغرة لها تأثير سلبي؟ هل فكرنا بالبديل الذي يجب ان يملأ تلك الثغرة؟ ما هي مساوئ ذلك البديل؟ 

بعض هذه "الخرافات" ليس لها أي أساس علمي، إنما جاءت من تخيل حالم، مثل إمكانية اسقاط النظام بمقاطعة الانتخابات بنسبة معينة، وبعضها مقلوب، مثل افضلية نظام الانتخاب الفردي. وبعضها سببه الزخم التاريخي، وتشويش الماضي على رؤيتنا للحاضر، مثل ان الحزب الشيوعي العراقي شيوعي بالفعل أو ان مقتدى (حاليا) ضد اميركا.

البعض منها ليس له معنى (سياسي) مثل شعار: “العراق اولاً” أو شعار “اسقاط المحاصصة”. البعض الآخر غامض المعنى، فما الذي تعنيه "حكومة انقاذ وطني"؟ من يشكلها وكيف سيكون شكلها ولماذا نثق به وبانها ستكون افضل؟ وبعضها خلق بهدف إخفاء جريمة، بأخرى اصغر منها: "أمريكا أخطأت".

البعض صحيح لكنه ليس المشكلة الملحة التي تسبب لنا الفشل، وأعتبر هذا النوع "خرافة" رغم صحته، لأنه يلعب دور "الخرافة" حين يقدم كسبب للمشكلة الحالية، وهو بريء منها أو ليس له دور مهم فيها، مثل خرافة “أن المشكلة في الدستور”.

أنا مسؤول عن رأيي في كل الخرافات الخمسين التالية. وهي بالتأكيد ليست قائمة كاملة، وتذكر أننا لا نطمح بالطبع الى الاتفاق على 50 نقطة في مقالة واحدة.

ملاحظة: ارجو الانتباه ان النقاط قد كتبت باعتبارها "خرافات" وليس ما اعتقده عنها، إنما العكس، أي اني اكتب قائمة بالأخطاء الشائعة حسب تقديري.. فعندما اكتب "لا يوجد شريف في البرلمان" فاني اعتقد انها "خرافة" وانه يوجد شرفاء في البرلمان، وهكذا.

العراق والسياسة الداخلية والعلاقات:

1- لا يمكن ان يتغير الحال نحو أسوأ مما نحن فيه

من اخطر واخبث الخرافات الشائعة، فهي تتيح للشخص تفريغ شحناته بحرية يمينا وشمالا، باعتبار ان لا يمكن ان يحدث شيء أسوأ. لكنه خطأ بدليل أننا نسير من سيء إلى أسوأ. قوة هذه الخرافة أن شعبا يؤمن بها يمكن ان يتم إقناعه بأي بديل، مهما كان البديل مدمراً. إنها "أم الخرافات" ومصدر الكوارث الأساسي، لذا اخترتها لتكون الأولى.

2- لا يوجد شريف في البرلمان

هناك العديد من النواب والساسة لم يثبت عليهم أي شيء، وهناك الكثيرين ممن خاطروا بعلاقاتهم ومستقبلهم من اجل ان يقولوا كلمتهم مثل اللويزي وعالية نصيف، وهناك من خاطر وقام بتحقيقات كشفت حقائق خطرة.. لم يدعم احد هؤلاء.. وذهبوا..

3- المشكلة في عدم فصل الدين عن الدولة والحل في تشكيل حكومة مدنية

المدنيون في الدولة ليسوا اقل فساداً من المتدينين. احد غير المتدينين هو المحتال عادل عبد المهدي الذي يبيع امه وابوه من اجل اميركا وكردستان وليس الدين، وقد وصل الى رئاسة الحكومة رغم مشروعه الأخطر على العراق. التيار المدني يبدو اكثر اهتماما بإدخال إسرائيل الى البلد من أي هدف اخر في العالم.

4- المشكلة في عدم حصر السلاح بيد الدولة

لأنه لا توجد دولة! القوات المسلحة يسيطر عليها من وضعتهم اميركا على قيادتهم وبرهنت سفالتهم في هجوم عصابة داعش وتسليمهم المدن مع أسلحتهم. ودليل الانهيار التام للمنظومة الأمنية ان أحدا من الخونة لم يعاقب حتى ولا بالسجن! شعار حصر السلاح بيد الدولة في الوقت الحاضر في حقيقته حصر السلاح بيد اميركا.

5- الحل في ان يضع الجميع الوطن فوق كل شيء

لا توجد طريقة لمعرفة من يضع الوطن فوق كل شيء، لذلك فهو ليس "الحل". إضافة إلى ذلك فأن الأغلبية الساحقة من البشر لا يضعون الوطن فوق كل شيء، لكن لديهم من الشرف واحترام النفس ما يكفي لخدمته أو على الأقل للامتناع عن اذيته. انهم يضعونه ضمن احبابهم، وليس ضمن فرائسهم، وبما يرضي ضميرهم.

6- المشكلة في الإسلام لأنه دين عنف.. وداعش تمثل الإسلام

كلام لا اعتقد انه مازال يستحق ان يرد عليه.. ومع ذلك، هناك ادلة عديدة على ان الإسلام قد يكون اكثر الأديان الابراهيمية سلمية. كما ان صفوف الهاربين من الموصل وفي المعابر بين الانبار وبغداد، حتى من المسلمين السنة، تبرهن ان هذا الكلام خرافة وان الإعلام عمل على ترسيخها، وبضمنها الجهود غير المشرفة التي تقوم بها العراقية الفائزة بجائزة نوبل في إسرائيل.

7- المشكلة في نقص الالتزام بالإسلام. (الكثير من الدول لا تعرف الإسلام لكنها تعيش بخير)

8- الكرامة والسيادة كلمات تعود للعصور السابقة ولا يرددها الا المتخلفون

الفكرة تعود لمساعي غرس الدونية في هذا الشعب. شعوب كل الدول المتقدمة تشعر بالكرامة وتفاخر ببلدانها وقيمها وكرامتها.

9- مقاطعة الانتخابات تسقط الحكومة إن كانت اقل من نسبة معينة

خرافة اكتشفها العراقيون متأخرين.. لكنها كانت شائعة وقت كتابة هذه المقالة

10- العراق يعود "للحضن العربي" من خلال علاقاته مع السعودية والخليج

ليس هناك شيء يدفع الى التخلي عن العروبة والإسلام والكرامة والانسانية، اكثر من ان يكون المرء صديقا للسعودية وأن يكون حكامها راضين عنه او عن سياسة بلاده.

11- الحزب الشيوعي العراقي (او الكردستاني) له علاقة بالشيوعية او الماركسية أو حتى الاشتراكية.

لا اعتقد ان اعضاء او حتى قيادات الحزب الشيوعي انفسهم مستعدين للدفاع عن هذه النكتة

12- النظريات لا فائدة منها لأنها لا تنطبق على الواقع

ليس من مهمة النظريات ان "تنطبق على الواقع" بكل تفاصيله.. لكنها بوصلة لا غنى عنها لمن يريد ان يخطط شيئا.

13- ثورة تموز كانت دموية وهي التي بدأت العنف في العراق. (كلام تكذبه الحقائق التاريخية)

14- يجب ان تكون لنا علاقات طيبة مع جميع دول العالم. (سذاجة سياسية او خبث يخفي قصدا مشبوها)

15- اليهود العراقيون في إسرائيل طيبون مشتاقون للعراق ويقضون وقتهم في غناء المقامات وأكل البامية.

شعارات

16- شعار: شلع قلع

17- شعار: إسقاط المحاصصة. (هل مازال احد لا يدري ان هذا كلام فارغ؟ المحاصصة كلمة مطاطة لا يمكن مسكها)

18- شعار: العراق أولا (في حقيقته محاولة لعزل البلد، بقصد او بغير قصد، وبنتائج كارثية دائماً)

19- شعار: لا يحمي المحافظة إلا أبناؤها. (استخدمت حجة من اجل المشروع الامريكي "الحرس الوطني" لكل محافظة.)

أنظمة الحكم وتغييرها

20- يجب الغاء الأحزاب. (الأحزاب أداة لا يمكن التخلي عنها إن أراد الشعب أن يكون له أي مشاركة في الحكم، ومحاولة إقناعه بذلك، محاولة مشبوهة الأهداف)

21- الديمقراطية لا تصلح لنا. (الدكتاتورية اقل صلاحية لنا)

22- الغاء البرلمان ينفعنا، لأنه فاسد (البرلمان مهما فسد، يبقى ذراع المواطن الأخيرة. إن قطعها انتهت كل قدرته على التأثير في سياسة بلده مهما كانت صغيرة)

23- يجب اسقاط العملية السياسية برمتها، ثم نفكر في الأمر، أو نشكل "حكومة انقاذ وطني". (نكتة دموية شائعة)

24- يجب اسقاط الحكومة (المنتخبة) بالتظاهرات. من "يشكك" بالتظاهرات يحمي الحكومة، والتظاهرات العفوية هي الأفضل

25- التنازل عن الوزارات تضحية ودليل عفة (قد يكون دليل عفة، لكن الأخطر هو انه دليل على اعتبار الوزارات مكاسب، وليس تكاليف، ودليل على ان المتنازل لم يأت وفي باله برنامج يحرص على تنفيذه)

26- الحل في اللامركزية لأنها نظام حديث وأكثر كفاءة. (من مساعي تفتيت البلد بحجة الحداثة)

27- تكوين الإقليم مفيد لأنه سيجعل المحافظة مثل كردستان. (كردستان ليست بخير.. بل ربما في كارثة اكبر)

(لا يوجد فرق بين المحافظات والاقاليم في الحقوق في الدستور، وكردستان كسبت اضعاف حصتها بالابتزاز ودعم الولايات المتحدة وليس لأنها إقليم. ورغم ذلك لم يعد الكرد يحصلون على الرواتب ولا احد يعلم كم تم بيعه من نفطها تحت الأرض)

28- يجب ان تساعدنا الأمم المتحدة في تشكيل حكومة شريفة. (الأمم المتحدة ليست شريفة. وممثليها في العراق يتم اختيارهم من أصدقاء إسرائيل، ولا يهدفون الا خدمتها)

29- فشلنا يعود لأننا لا نستخدم النظام الرئاسي. (هناك الكثير من الديمقراطيات نجحت بدونه، وهو ليس محصن من الفساد)

30- حكومة التكنوقراط هي ما يحتاج اليه البلد. (التكنوقراط مغالطة لفظية من اجل إخفاء من يتحكم بالقرار السياسي من خلف الستار)

31- الدستور هو المشكلة وهو رأس السمكة الفاسدة ويجب بدء الإصلاح بتغييره. (الدستور على علاته، اكثر تطورا من وضعنا بمراحل)

32- يجب اللجوء الى الانتخاب الفردي بدلا من التمثيل النسبي (لدي مقالة تنتظر دورها في هذا)

33- سانت ليغو هو المشكلة لأنه يثبت الأحزاب الكبيرة الفاسدة. (نشرت مقالات عديدة لتفنيد ذلك)

34- المستقلون مخلصون! المنتمون للأحزاب لصوص فاسدين!

(الحزب تجمع لمواطنين متفقين على هدف ما، يكون فاسداً إن كانوا فاسدين وشريفا ان كانوا شرفاء. فهل لا يمكن للشرفاء ان يتفقوا؟ لماذا يحصل هذا في بلدان أخرى؟ هل نحن نوع مختلف من البشر؟ ألا يقال أن الشيوعيين لم يسرقوا؟ من نشر هذه الخرافة يسعى للقضاء على اية سلطة باقية للشعب أو تأثير على القرار السياسي، وامتلاك الحرية الكاملة لتنصيب أي كان يريده هو، بحجة انه "مستقل")

أمريكا وإيران

35- من الأفضل للعراق أن يحكم الليبراليون والاصلاحيون ايران على ان يحكم المحافظون ورجال الدين. (يمكن مقارنة تصريحات الطرفين ليعرف العراقيون أيهما الأفضل بالنسبة له)

36- الاحتلال الأمريكي هو الذي جعل اليابان وألمانيا متقدمتان ويجب اعطاؤه الفرصة ليجعلنا مثلهما. (لا اعتقد ان هناك من يعتقد بهذا ويستطيع الوصول الى هنا في قراءة هذه المقالة الطويلة ?)

37- اميركا سلمت العراق لإيران. (من اكثر الخرافات سخفاً وانتشارا)

38- لو تخلينا عن "العنتريات" لاستفدنا كثيرا من أميركا. (مصر تخلت عن "العنتريات" فسقطت في مستنقع مرعب)

39- اميركا "فشلت" في تحقيق الديمقراطية في العراق (افتراض خاطئ بأنها "حاولت" لكنها فشلت)

40- القوى الدولية تصفي حساباتها في العراق وهذا يضرنا، ولو تمكنا من مصالحة الامريكان مع ايران فسنستفيد. (أسوأ ما يمكن ان يحدث للعراق هو ان يتفق الأمريكان والإيرانيين عليه. خلافهما رحمة وافضلية عظيمة يجب السعي لإدامتها إن امكن)

41- الحكومة الامريكية لا يهمها سوى مصلحة الشعب الأمريكي (الحكومة الأمريكية لا يهمها مصلحة الشعب الأمريكي)

42- أميركا "أخطأت" كثيرا في العراق (هذا يفترض ان أمريكا كانت تريد الخير للعراق، لكنها "أخطأت")

اقتصاد:

43- زيادة استخراج وتصدير النفط هي "زيادة انتاج" وبالتالي هي هدف اقتصادي جيد. (استخراج وتصدير النفط ليس "انتاجا" بل "صرف" للممتلكات المحدودة، و"زيادته" فوق حد معين تسبب انخفاض الأسعار وتبذير لحصة الأجيال القادمة.)

44- يجب عدم وضع ضرائب على السلع المستوردة ولا يجب دعم السلع الوطنية لأن ذلك يضر بالنشاط الاقتصادي. (خرافة)

45- الاستثمار الأجنبي ضروري للتقدم الاقتصادي.

من النادر ان يكون للاستثمار الأجنبي فوائد اكثر من اضراره، وفقط تحت ظروف خاصة أولها خلو البلاد من الفساد وودود حكومة وطنية وقوية تستطيع السيطرة عليه ومنعه من الأذى. أي عكس ما في العراق تماما.

46- البنك المركزي يجب ان يكون مستقلا عن الحكومة

47- تسليم النفط لشركة مستقلة يغير الاقتصاد الريعي إلى ضريبي (خرافة عادل عبد المهدي)

48- عقود التراخيص سيئة جدا ويجب استبدالها بعقود أخرى. (هناك مقالات مبسطة لمن يريد معرفة الحقيقة)

49- الرأسمالية وحرية السوق نظام اقتصادي “حديث”. (نظام متخلف يعود لخمسمئة عام، وما اجري عليه من تعديلات كان شكليا للتزويق، وما تم تحقيقه من نجاح في "دولة الرفاه" يعود الى الابتعاد عنه ويتناسب حجم النجاح مع مسافة البعد عنه)

البصرة

50- فساد الحكومة هو المسؤول عن عدم تمكنها من حل مشكلة ملوحة ماء البصرة.

الحكومة مهما كانت فاسدة ستهرع لحل المشكلة حفاظا على نفسها وعلى فسادها، والمشكلة بسيطة جدا كما تبين. فلا بد ان هناك جهات تريد لهذه المشكلة ان تستمر لأطول فترة ممكنة، وان هذه الجهات اقوى من الحكومة، وانها تمنعها من حل المشكلة،

 

صائب خليل

 

في المثقف اليوم