أقلام حرة

ارى قدمي .. اراق دمي

كاظم الموسويالى حتفه سعى بقدميه.. جمال خاشقجي الكاتب الصحفي من الجزيرة العربية. اختلف مع نهج ولي العهد في مملكة الرعب، التي اسهم هو باشكال متعددة في اعمال سلوكها وحروبها وعدوانها وجرائمها المعروفة والمستورة، المكشوفة والمخفية. في سجله او صفحات تاريخه، كان جزء من مطبخها الامني والاعلامي او عمل فيه ردحا من سنوات، او بعض لسان الحال في الاعلام والموقف والاجراءات والترهيب والترغيب. وهو من خبره واطلع على كنه مجرياته واساليبه ومسيرته. ورغم ما امتاز به عن غيره بانه سجل جرأة الخروج عليه متاخرا والاعلان عن راي له فيه محسوبا بالاحرف والكلمات الا انه يتحمل ما له وما عليه من مسؤولية قانونية واخلاقية في اضعف الايمان. لانه الادرى والاقدر على معرفته.. مع ما يحسب له ويزيد في حسابه لقضيته وموضوعه.

في التسجيلات المنشورة لمداخلاته وكتاباته الكثيرة مما يسجل عليه ويرمى به، والاكثر منها اعتبار حكم الاسرة الرهيب حكم التاريخ وادارة المستقبل، وغيرها حكم الديكتاتور والاستبداد او دعمهما، فردا او سلطة. ايد ما سمي بعواصف الحزم والحسم والدمار والخراب في بيوت جيرانه، وصمت على سجن مغردين وتعذيب منشدين واعدام معارضين واختطاف مخالفين ببلاده وسكت او اغمض عينيه على شلالات دم ابناء جلدته في جنوبها او في شمالها. دافع عن الظلم والقمع والدمار والخراب.. وبرر لمن قتل وشرد واجاع وتفرج  على المأساة وكأنه لم ير ولم يسمع ولم تصله اصداؤها..

كيف لمثله ان يسعى بقدمه الى حتفه؟ ويدخل مقصلة موته ويثق بجلادي زملائه واصحاب الراي في السجن الملكي. اسئلة كثيرة ولا اجوبة على اكثرها بغيابه.. خطيبته التركية خديجة جنكيز ماذا عملت له وبماذا اغرته، بها وبه؟. ومن حثه او استدرجه او ما هو الدافع الرئيس له؟!.

نقل عنها كما روت او نشرت وسائل اعلام، مثلها، عليها استفهامات اكثر منها؛ إلى أنه تقدم “بطلبٍ من أجل الحصول على الجنسية الأمركية، وكان زواجهم المخطط له هو سبب زيارته تركيا. وكان يأمل أن يكون حريصاً على جمع جميع الأوراق والوثائق المطلوبة قبل العودة إلى واشنطن. وفي الثامن والعشرين من ايلول/ سبتمبر، زار جمال القنصلية السعودية في إسطنبول للمرة الأولى، بالرغم من أنه كان قلقاً بدرجة ما من أن ذلك قد يعرّضه للخطر. لكنه ذكر أنه لم يكن هناك أمر صادر في بلاده بالقبض عليه. بالرغم من أن آراءه أغضبت أشخاصاً محددين، فقد قال إن التوترات بينه وبين السعودية لم ترُق لأن تشكل كراهية وضغائن وتهديدات”. ومن هي خديجة هذه؟ الاخبار المنشورة عنها تثير اسئلة جديدة، وتضيف للغموض والاختفاء اسرارا  اخرى. وكانها تعيد سيرة خطيبها العملانية، في الاجهزة والمؤسسات وغيرها.

ما سرب من قصص عن تعذيب وتقطيع اوصال بمنشار عظام واختفاء واخفاء وتذويب وانهاء، ليست غريبة ولا مدهشة، بل انها جزء من سجل سلطة ودليل شهادة وتوثيق معلن في فترات كثيرة، منشورة اخبارها في وسائل الاعلام والارشفة الالكترونية. وهو مطلع عليها ولم تخف عليه، ماضيا ولاحقا. والاغرب فيها انه طرف في صراع او اتخذ جانبا في هذا السجال المكتوم، واصبح مطلوبا خارج او داخل اراضي معلميه.. فمن رفع قلقه واعمى قلبه وكيف اقتنع بما يخالف زعمه او ثقته بمعرفته؟!.

لفتت الانتباه ايضا هذه التغطية الاكثر من واسعة لحادث وحدث خاشقجي، اعلاميا ورسميا، عبر وسائل اعلام وتصريحات مسؤولين من مختلف البلدان، وصولا الى مطالبات باجراءات قانونية ودبلوماسية وعقوبات وغيرها. اثارت حفيظة اهالي ضحايا كثر، اعدادا او افرادا، لم تكتب عنهم مقالة او تنشر عنهم اخبار، غير صراخ ذويهم وبكاء معارفهم ودموع احبائهم..

هل انتهت قصة حياة خاشقجي؟ هل انهى غيابه محتوى القصة الاساسية التي اودت به؟  اسئلة اخرى واخرى.. عنه وعن الصحافة والكتابة وعن طبيعة السلطات التي تورطت بغباء وحماقة بما حملت ايديها من دمه ومن اسمه. وهل يكفي كما يوزع الان في وسائل التواصل الاجتماعي، عن تغيير  صورة علم المملكة، بوضع منشار بدلا من السيف؟!، وهذا دليل اخر ووصمة عار حتى في الصورة والعلم والمدلول والمقصود. في التاريخ يسجل وفي المانشيتات يرسم. في اللغة والصورة تظل واقفة سبابة اتهام وشكوى قلم مهما اختلف فيها او حولها.. ولكنها لا تبعد كثيرا عن مدلول الجناس العربي: ارى قدمي .. اراق دمي .. الى حتفي سعى قدمي

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم