أقلام حرة

الحكومة القادمة بين الاختيار والتشاور!!

في حديث مقتضب لأهم القيادات السياسية بمناسبة يوم  مناهضة العنف ضد المرأة  يقول: "ليس من الصحيح أن تقول الكتل السياسية لرئيس الحكومة أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون مترقبون، وليس من الصحيح أن يقول رئيس الحكومة دعوني وشأني فحرية الاختيار لا تمنع من التشاور مع الكتل السياسية " حيث يثير الحديث جملة من التساؤلات المهمة حول أجواء تشكيل الحكومة القادمة، وما سادها ويسودها من تكهنات وعقبات في نفس الوقت تقف أمام تشكيلها، فرئيس الحكومة المكلف يسعى لأبعاد تأثر الكتل السياسية والأحزاب على تشكيل الحكومة، الأمر الذي سيجعل نفس الكتل يكون لها موقفاً من تشكيلها، فالكتل السياسية جميعها كانت هي النواة الأساسية في تشكيل أي حكومة، كما أن لها التأثير المباشر في عرقلة تشكيل أي حكومة، ومهما كان صغر الكتلة أو قلة مقاعدها، لان التأثير السياسي ليس بعدد مقاعد تلك هذه الكتلة أو تلك بل بالعلاقة مع باقي الكتل السياسية، وشهدنا كيف أن "دولة القانون " على الرغم من الأغلبية التي تمتلكها في البرلمان، إلا أن أنها لم تكن موفقة في الكثير من الملفات، إلى جانب عدم امتلاكها العلاقات المتوازنة مع باقي الكتل السياسية، والتي تؤهلها البقاء في الحكم، والتأثير في المشهد السياسي فمهما كانت قوة الكتلة السياسية لابد لها أن تمتلك تأثيراً في المشهد السياسي، ويعطيها مؤهلاً في التأثير الايجابي فيه، وبما يحقق تقارب سياسي مع باقي الكتل السياسية .

عملية تشكيل الحكومات في أي بلد، تخضع لضوابط العلاقة بين الأحزاب المشاركة في السلطة، ومقدار تقاربها مع مرشح رئاسة الوزراء، وهذا مهم جداً في نجاحه بمهمته في تشكيل كابينته الوزارية، الأمر الذي يجعل مهمة رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة تبدو صعبة، أو ربما غير موفقة، لان الأحزاب المشاركة في السلطة، وهو يبدو أصبح عرف سياسي في البلاد لها الحق في اختيار وزارئها في الكابينة الوزارية، وهي من تضع القيود أو عوامل النجاح أمام تشكيل الحكومة القادمة، إلى جانب الكثيرون يرون أن اختيار رئيس الوزراء المكلف جاء بسبب خلفيته الاقتصادية، مما يعني أن الرهان سيكون على النجاح في الملف الاقتصادي، وإعادة أصلاح البنى التحتية الاقتصادية للبلاد، وتحسين الخدمات، والتي بحد ذاتها تحديات جسيمة لبلدٍ عانى من ظلمات الحروب الإرهاب لخمسة عشر عاماً، وفي نفس الوقت أختيار السيد عبد المهدي لا يمثل أصلاحاً للنظام السياسي في البلاد، ولكنه جاء كحلاً توافقياً بين جميع الكتل السياسية، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسير رئيس الوزراء المكلف لوحده، ما لم يكن متكئاً على الكتل السياسية، والتي ستوفر الغطاء السياسي إلى جانب الدعم السياسي، كما على السيد عبد المهدي الاستفادة من نفس العلاقات المتميزة مع الكتل السياسية، والخبرات السياسية في مواجهة التحديات كونه يمثل "رجل تسوية لا رجل مواجهة " .

 

محمد حسن الساعدي

 

في المثقف اليوم