أقلام حرة

مهد السلحفاة لدول العالم الثالث

انور الموسويان سعي البشريّة المتولد من حاجاتها الضروريّة لتغيير واقعها سواءً كان تغير بايلوجي او نفسي قِيَمي، لم يتوقف بَعْد، لم تغادر الأمم الى يومنا هَذَا عامل البحث عن بدائل أفضل بما فِيهَا الدّول المتقدّمة ذَات الديمقراطيات العالية. فالشمولية المستوعبة لجميع حاجات البشريّة ومعاناتها لم تنته بَعْد.

وليس كما يفسره هيغل من أن " التأريخ إنتهى"

شهدت القرون الماضية اشكالاً متعدّدة من التحولات البنوية والسياسية غيرت معالم تِلْك الشّعوب وطبيعة تفكيرها. فتحولت الأنظمة الَتِي امتازت بكل انواع الوحشية والديكتاتورية بأنظمة ذَات سمة ديمقراطيّة تعدُّدية، مما أنعكس ايجاباً علَى رفاهية تِلْك الشعوب وتحقيق القَدْر الكافي من ضمان الحقوقِ والتطوّر الذي امتازت به.

السؤال الّذي يطرح نفسَه هل فعلاً هو هذا القَدْر الكافي من البدائل وهل نجزم ان الديمقراطيات الَتِي تحقّقت شكّلت النّهاية المقنعة للبشرية؟

نَحْن نتكلم هنا على أسس واقعية نناقش بها ديمقراطيات الدول التقدمية، في المقابل نضع امام القارئ الكريم أمثلة من التحوّلات الحتميّة الَتِي صاحبة الدّول الَتِي امتازت بالتعسف والعنف والديكتاتورية. مثلاً

انتخاب الرئيس ماريو سواريز رئيساً للبرتغال بعد الخوف من عدم الاستقرار وخطر الحرب الأهلية الحكم الديمقراطي المنتخب في البير بعد اثنتي عشر سنة من الأنظمة العسكريّة.

حكم الفونسين في الأرجنتين بعد حرب المالوين عام ١٩٨٢ وحذا حذوها الارغواي والبرازيل والشيلي وسقوط الحكم السانديني في نيكاراغوا. لاشك ان هَذَه التحوّلات صاحبتها مشاكل داخليّة صعبة واُخرى خارِجية كمشاكل الديون المترتبة لكنها إكتسبت تِلْك الشعوب من التجربة المضنية السابقة جرعات مضادة مكنتها من عدم الرّجوع الى الخلف والصمود بوجه تِلْك المشاكل.

وقف العالم اخيراً على مرتكزات أصبحت بديلاً عن ما عانته من تجارب أليمة وعصور كبدتها مزيداً من عدم الإستقرار والكثير من الدماء، كأمثال الحروب الصليبية، ومحاكم التفتيش، وحرب الأعراق فضلاً عن الحرب العالميّة الاولى والثانية.

واخيراً انهار عصر الديكتاتوريات في تلك البلدان وبقت الدول العربيّة او (دول العالم الثالث) ضمن محيط القرن السادس عشر تراوح في مكانها بين تحالفات او تنازُلات لتضمن فقط بقاء نفوذها.

الأمر لم ينته بعد ولازالت حتى الدول المتقدمة الَتِي أنجزت تمام الديمقراطيّة الليبراليّة لم تكتمل بعد هويتها، استناداً الى أن هذه الديمقراطيات افرزت طموحاً أكثر تقدمياً مما كانت تنشده البشريّة، حيث انها أنتجت متطلبات لم تكن متوافرة لدى الشعوب الأقل تقدماً، فالشعوب الَتِي نالت أكثر الحقوق عدلاً ومساواة أكثر، لم تتوقف عند هذا الحد، فمفردة " المزيد" من المتطلبات والمزيد من الحقوق فضلاً عن الحاجة للمزيد من التعديلات والتغيرات سواءً على نهج الدولة نفسها في الحكم او على نهج تعديل او تشريع القوانيين لازالت فعالة.هذا ما نستند عليْه في ان الضرورة الحتميّة لمتطلبات الإنسان لم تنته بعد،او لم تتجاوزها بشكل نهائي الثورة الفرنسية وانبثاقاتها، ولا ثورة الاستقلال الأمريكي. على اعتبراهما افضل نموذج للديمقراطيات بعد فشل الإشتراكية الشيوعية وسقوط معسكرها.

 

انور  الموسوي

  

في المثقف اليوم