أقلام حرة

بين يدي السيد محمد رضا السيستاني (1)

سليم الحسنيمرشح الليل، تمهيد لعودة البعث الى السلطة

لمن يلجأ الشيعي وهو يرى تمهيداً غير بريء لعودة البعث الى السلطة؟

لقد خذل السياسيون هذا الشعب المسكين على مدى السنوات الماضية، فاستبشروا خيراً حين صدر رأي المرجع الأعلى السيد السيستاني، بعدم اختيار الأشخاص الذين كانوا في السلطة لتولي رئاسة الوزراء. لكن الصدمة كانت بترشيح عادل عبد المهدي، والموافقة عليه بسرعة خاطفة لم تحدث من قبل.

جرى الاختيار في الظلام، وتم الإعلان في جوف الليل. لقد كان كل شيء متقن الإعداد، فبعد ساعة من انتخاب برهم صالح رئيساً للجمهورية، كان عادل عبد المهدي موجوداً في البرلمان يتسلم كتاب التكليف، من دون تحديد الكتلة الأكبر التي ينص الدستور على انها المعنية وحدها بترشيح رئيس الوزراء.

ضربت المفاجأة شيعة العراق، فأين رأي المرجعية من هذا الاختيار الذي يصرخ بتحدي رأيها والاستهانة بموقفها؟

فهذا عادل عبد المهدي من أبرز الوجوه المشمولة بفيتو المرجعية، ومن صنّاع الفشل في العملية السياسية، وأحد أقطاب المحاصصة فيها، وأكثر المعروفين بالضعف والتردد، فما الذي حدث حتى يصبح هو المرشح المفروض؟

مرشح الليل عادل عبد المهدي، وبصرف النظر عن الذي خطط ودبّر واتفق وفرض، كان ضربة موجعة على رأس المواطن الشيعي فهو:

ـ من أبعد الأشخاص عن الحزم والحسم والقوة والشجاعة، معروف بميله الى التوازنات، وابتعاده عن الحسم، ومنهجيته الثابتة في إرضاء الأقوياء. فأين هو من شروط المرجعية في هذا الاختيار؟

ـ ومرشح الليل كان في السلطة منذ بدايات العملية السياسية وزيراً ونائباً لرئيس الجمهورية ثم وزيراً، فهو بصريح عبارة المرجع الأعلى مرفوض يجب عليه الابتعاد عن هذا المنصب، ويجب على قادة الكتل أن تستبعد التفكير فيه.

لقد تداول المواطنون صدمتهم في تلك الليلة، فتبادلوا الذهول في الشارع والبيوت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أكثر حضور لهذه الصدمة، على وجوه الشيعة، فلم يسبق لهم أن يروا كسراً لهيبة المرجعية المتمثلة بالسيد السيستاني بهذه الوقاحة، لأن القضية محددة محصورة برجل وموقع، وليس من القضايا التي تخضع للتفسير والتأويل والمساحات المفتوحة.

ليس الأمر يختص بمكتب السيد السيستاني، إنه يمس الشيعي الذي يرتبط وجدانياً ومبدأياً بالمرجع الأعلى، يتعبد بفتواه، ويلتزم برأيه ويخوض حقول الموت تلبية لندائه، فكيف يتم إهمال رأيه الصريح بهذه الطريقة المتحدية؟

لا يختص الأمر بمكتب السيد السيستاني، حتى يصبر أو يتحمل أو يوافق او يسكت المسؤولون فيه، فهذه تقديراتهم الخاصة بهم، إنما الشيعي يهمه هيبة مرجع الشيعة، ومكانته وموقعه القيادي الأول في حياته.

يأمل الشيعي العراقي أن يكون لمكتب السيد السيستاني موقفه في هذه القضية، وموقفه الأكثر وضوحاً من اختيار عبد المهدي لمجموعة من البعثيين والإرهابيين والفاسدين ليتولوا أهم وزارات الدولة.

إنها سلسلة انتكاسات بدأت في جوف الليل، ثم صار تحدي المشاعر في وضح النهار.

للحديث تتمة

 

سليم الحسني

 

في المثقف اليوم