أقلام حرة

الأجنبي ربما يعرف القرآن أكثر من المسلم!!

صادق السامرائيالمقصود بالأجنبي هو الشخص الغير مسلم، وقد بدى ذلك واضحا - منذ أن أثير سؤال ما هو الإسلام -  في بداية القرن الحادي والعشرين، حيث إنبرى الناس في الدول الأجنبية للتعرف على الإسلام، وكانت تُوَّجَه الأسئلة للعديدة من الذين على صلة بالمثقفين وأصحاب الفكر،وتهافت الناس على قراءة القرآن والإستفسار عن عباراته ومقاصده وفحواه، وكانوا يقرؤونه بتفكر وتركيز وتدقيق ويناقشون ويتساءلون، حتى وجدتنا أمام مَن يعرفون القرآن ربما أكثر من  المسلم العادي مهما إدّعى المعرفة بالقرآن!!

ذلك أنهم يقرؤون القرآن وهو لا يقرأ القرآن بالمعنى الحقيقي للقراءة، لأنه ما تعلم مهارات وفنون القراءة، أي أن المسلم وخصوصا العربي يجهل كيف يقرأ، وإن تلفظ العربية وكتب بها، فالقراءة شيئ وترديد الكلمات شيئ آخر.

فالتلاوة والترتيل والتجويد ليست قراءات بالمعنى العلمي والعملي للقراءة، وما أكثر الذين يحفظون آيات القرآن ولا يفهمون منها شيئا، ولهذا تراهم يهرولون وراء المدّعين بالدين والذين يضللونهم ويخدعونهم، ويوهمونهم بأن ما يقولونه هو الدين.

والعجيب في الأمر أن معظم الخطب والتصريحات والفتاوى لا تستند على القرآن، وإنما على قال فلان وذكر فلان، وترتكز على مدونات وكتابات وأوراق عتيقة صفراء تُجمِّد الزمن وتلغي المكان ولا يعنيها من القرآن شيئا.

فالمسلم لا يمارس الدين بقدر ما يعبّر عن التدين الممنهج المرسوم وفقا لآليات "قال"، ومن الصعب أن تجد خطيبا أو صاحب عمامة يتكلم في القرآن وما فيه من الآيات والتطلعات، وإنما السائد أن يتحدث الخطيب أو المرشد الديني بما رسّخه السابقون، ولا علاقة له وربما لا دراية بالقرآن.

 ولهذا تجدنا أمام الأجنبي الذي قرأ القرآن وإستخلص جوهر ما فيه من المعاني والرؤى والتصورات، وبين ما يراه من واقع لا يمت لما في القرآن، ولهذا تأخذه الحيرة والإستغراب، ويمضي في طرح أسئلة عن الإسلام، وهل هو موجود أم موؤود، وهل أن الذي يحصل تعبير عن الإسلام الذي يتحدث عنه القرآن؟!

تلك حقيقة - سيغضب بسببها الكثيرون وينفعلون - سلوكية مروعة فاعلة في بلاد المسلمين، الذين أنكروا الدين بسلوكهم ومارسوا التدين الذي يأخذهم أجيالا بعد أجيال بعيدا عن حقيقة الإسلام وجوهره الإنساني، ويزيدهم جهلا بالقرآن وأمية بالعربية وإمعانا بالضلال والبهتان.

فهل من عودة إلى القرآن يا أمة إقرأ أم أن على قلوبٍ أقفالها؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم