أقلام حرة

الاستقالة قرار وليست شكوى يا رئيس الوزراء

سليم الحسنيمرة، اثنتين، ثلاث، هذا يكفي، فالاكثار من التلويح بالاستقالة يعكس شخصية مهزوزة لا تناسب مركزاً بخطورة رئاسة الوزراء.

لقد كرر عادل عبد المهدي قصة الاستقالة عدة مرات خلال فترة وجيزة وفي قضية واحدة، وهي اختيار بعض الوزراء. وكان في كل مرة يتخذها كعريضة شكوى، وليس موقفاً جاداً يضعه أمام الكتل السياسية، يخيرهم بين أن يكفوا عن ضغوطهم وبين أن يترك المنصب ويغادر الموقع.

هذا الاستخدام المفرط للاستقالة، يجعل من عادل عبد المهدي شبيهاً للسخرية المثيرة التي توقف عندها طويلاً الروائي العبقري غابريل غارسيا ماركيز، في روايته الشهيرة (الجنرال في متاهة)، حيث يتحدث عن كثرة تلويح الرئيس (سيمون دي بوليفار) بالاستقالة وعزمه عليها، حتى دخلت استقالته في الأغاني الشعبية.

ومع ان الفرق كبير جداً بين الشخصيتين، إلا ان كثرة التلويح بالاستقالة يتحول الى قصة مملة في الأوساط السياسية، والى سخرية في الأوساط الشعبية.

إن عادل عبد المهدي، استخدم الاستقالة من قبل وكانت ناجحة، حققت له طموحاته، فقد استقال من نيابة رئاسة الجمهورية للتقرب من مكتب السيد السيستاني. ثم استقال من وزارة النفط، واستقال من المجلس الأعلى بناءً على رأي وصل اليه من السيد محمد رضا السيستاني بأن وجوده في عضوية المجلس يعيق مسألة دعمه لرئاسة الوزراء. لقد حقق بالاستقالتين أغراضه، ووصل الى حلم حياته الذي انتظره طويلاً، وهو الان في أجواء الحلم، فعليه ان يتصرف بسلوكية رجل دولة، وليس كشخص يبث الشكوى ويحاول كسب عطف الآخرين بنغمة (استقالة).

لقد وضع عادل عبد المهدي مهمة رئيس الوزراء في أدنى مستوى، فقد ترك للآخرين يقررون، وراح ينتظر قراراتهم حتى يوقع عليها. وعندما يتأخرون في مفاوضاتهم، يشكو لهم ويتوسل الرأفة به، من خلال قوله (سأستقيل).

إنْ كنت صادقاً مع نفسك، قدّم استقالتك بإصرار وثقة واترك المنصب، لقد صارت مملة جداً هذه الحكاية.

 

سليم الحسني

 

في المثقف اليوم