أقلام حرة

هل أن العرب أجهل المسلمين بالإسلام!!

صادق السامرائيالعرب يتوهمون بمعرفة الإسلام لأنهم يتكلمون العربية، وفي حقيقتهم أنهم لا يعرفون القراءة بالعربية بالمعنى العلمي والعملي للقراءة، ووفقا لهذا الوهم الراسخ المتوارث، يحسبون المسلمين من غير العرب أقل معرفة بالإسلام، بينما الشواهد تؤكد أن العرب ربما من أجهل المسلمين بالإسلام، لأنهم يرونه من منظار لغوي بحت، ويغفلونه بأخلاقه وقيمه الإنسانية، بينما المسلمون من غير العرب يدركون قيمه ومعانيه ومعاييره السلوكية، ولهذا فهم أكثر قدرة على التعبير عن الإسلام بمقاصده السامية من العرب.

وقد إخترع العرب تسمية "رجل دين" ليكون الناطق الرسمي بإسم الدين، ووفقا لهذه التسمية إنتشر المنافقون، وصاروا يتمنطقون ويأتون بالخطب الرنانة، والواقع من حولهم تفوح نتانته وتنتفي فيه أبسط الضوابط الأخلاقية التي نادى بها الإسلام.

ولهذا تجد المجتمعات الأكثر فسادا ينتشر فيها الذين يسمون "رجال دين"، ويزداد الظلم والقهر والفقر والحرمان كلما زاد عدد العمائم الفاعلة فيها، وهم يؤكدون بأن الدين كلام فارغ ومنافق على المنابر، أما الفعل فهذا أمر آخر فيه ألف وجهة نظر ووجهة.

ولن تجد معمما يتكلم عن الأخلاق والقيم والسلوك، ويعلّم الناس بمعاني الدين النبيلة، وإنما معظمهم أبواق مصالح ورغبات وآلات لتعزيز الجور والنيل من حقوق الإنسان.

وهذه معضلة الإسلام الحقيقية في المجتمعات العربية، التي تخلو من قدرات التعبير السلوكي الواضح عنه، وإنما ترى أن الإسلام كلام وتأدية عبادات لا غير.

فهو مسلم لأنه ينطق الشهادتين ويصلي ويصوم ويحج، أما الزكاة فلها مبحث آخر، فالمسلمون العرب قد لا يزكون ولهذا يتكاثر الفقراء والمعوزون في ديارهم ، والكثير منهم يحسب نفسه سيدا ويريد من الآخرين أن يعطوه، أو سادة ومن نسل الأشراف فلا تحل عليهم الصدقات.

وعلى هذا المنوال تمضي مسيرة المسلمين العرب، وتجد عندهم العمائم جاهزة لتبرير المساوئ والتداعيات، بما يحلو لها من الأقوال والإدعاءات المنسوبة لفلان وفلان، أو المختلقة بإسم هؤلاء، ويكون فقه اليأس والقنوط والتبعية والخنوع هو السائد في أيامهم، حتى تحول الناس إلى قطيع، ومجاميع أمية دينيا، وجاهلة لغويا، ومحتقنة عاطفيا، ومحشدة إنفعاليا ضد بعضها البعض، وعلى عقولها أغشية وأغلفة تمنعها من الرؤية، وتدفنها بالنمطية والإنعكاسية والتفاعلات السلبية، التي تقضي على وجودها وتهين الدين الذي تدّعيه.

فالعرب المسلمون ربما أصبحوا لا يمثلون الدين بل العدوان على الدين، وتكريه الناس بالدين لما يأتون به من سلوكيات وتفاعلات مجاهرة بالنيل من أبسط معاني الدين، مما تسبب بتشويشات وإضطرابات إدراكية لدى الآخرين الذين ما عادوا يعرفون أين هو الدين.

قد يغضب الكثيرون مما تقدم، لكنه الواقع الأليم الذي يعيشه العرب المسلمون، وهم في أوهامهم سادرين، ولو سألتهم عن آية في القرآن لتسمروا أمامك غاضبين، ويحسبونك قد أهنتهم فهم الذين يعرفون بالدين، وأنك من الزنادقة والكافرين الذين يمثلون أعداء الدين، ولكنهم هم المعتدون على دينهم، والغافلون الجاهلون بقيم وأخلاق ومعايير الدين الذي بألسنتهم يتبجحون به وبسلوكهم يناقضونه وينكرونه وأنهم يفقهون!!

فهل من يقظة دينية ذات خُلُقٍ قويم؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم