أقلام حرة

اللغة العربية سهلة وجميلة!!

صادق السامرائيالحرب على اللغة العربية شرسة ومتواصلة ويُعد لها ما يُستطاع من قوة وقدرات وأدلة وحجج، لكي يتوهم العربي بأن لغته من أصعب اللغات، وأنها السبب في تأخره وخروجه من دائرة العصر.

وفي هذا إجحاف وعدوان سافر على لغة هي الأسهل والأجمل والأثرى والأروع، فلماذا لا يُكتب عن اللغة الصينية واليابانية والكورية وغيرها من اللغات بهذا الأسلوب العدواني البغيض؟

إن اللغات مرايا الأمم، وكيفما يكون حال الأمم يكون حال لغاتها، وبما أن الأمة في حالة ضعف وإضطراب، فهذا يعني أن اللغة ستتعرض للكثير من العدوان والظلم، والنيل من قدراتها وأهميتها ودورها في صناعة الحياة.

فاللغة هي أداة تعبير عن الأفكار وتختلف أبجدياتها بين المجتمعات ، ومنذ الأزمان السحيقة بالقدم كانت لكل مجموعة بشرية أبجدياتها المتنوعة، كما هو الحال بانسبة للغات  وادي الرافدين ووادي النيل، وكل لغة يمكنها التعبير عما يجيش في دنيا أهلها، وقوانين اللغات ثابتة ومراكزها الدماغية واحدة، والعلاقات ما بين الأبجديات تكاد تكون متقاربة ومتصلة بالمعايير المكانية والزمانية والثوابت التفاعلية للمواجودات القائمة حول البشر.

فلا توجد لغة صعبة، فاللغات مخترعات أهلها، ولكل مجموعة بشرية أداتها التي تستعملها لبناء الحياة،  والقول بأن اللغة العربية صعبة طرح هزيل ومغرض، فهي لغة ثرية المفردات والمعاني والعبارات، وفيها قدرات إغناء العقل وتنمية فضاءات التفكير أكثر من غيرها، لتواصلها الحضاري وإمتدادها المعرفي والفكري والفلسفي في أعماق الزمن.

فهي حية وقوية قبل الإسلام، وأنتجت روائع فكرية وأدبية غير مسبوقة في لغات الدنيا، وتواصلت وتنامت وتطورت وإستوعبت حضارات الدنيا على مر قرون وقرون، وتمكنت من نقل معارف المجتمعات كافة إليها.

فكانت حركة الترجمة في زمن الدولة العباسية فائقة وذات نشاط متواصل إلى أمدٍ طويل، وكانت العربية لغة العلم والشعر والفكر في العديد من المجتمعات الإنسانية، وقد أوردها القرآن الكريم مقاما عولميا وأطلقها بقوة وإقتدار، لتكون اللغة التي كان يعبّر بها أكثر الناس في مجتمعات الدنيا بقاراتها الثلاث.

فالمشكلة ليست في اللغة العربية أو أية لغة كانت، وإنما بأهل اللغة الذين يبتعدون عن لغتهم وينتقصون من قيمتها ودورها ويريدون التنازل عن هويتهم، ومحق علاماتهم الفارقة والإمعان بقتل عروبتهم، وهذه التوجهات من ضمن الصولات المعادية للوجود العربي والعروبة ومن ثم الدين الذي تؤلف العربية جوهره ونبض فؤاده المنير!!

فلا ترجموا لغة الضاد بالمُضاد، وكونوا يا أبناء أمة العرب أوفياء للغتكم فأنها ملكة اللغات!!

 

د. صاق السامرائي

 

في المثقف اليوم