أقلام حرة

العربية بين الجميل والقبيح!!

صادق السامرائيالعربية لغة جميلة ثرية رائعة الأبجدية والإيقاعات الصوتية، وما أن تقول ذلك للعربي حتى يحدق بوجهك مستغربا ومستهجنا، وكأنه يقول بأنها لغة قبيحة، فيزدريها بإهمالها وعدم إحترامها نحويا ولفظيا وإملائيا، حتى صار التعبير بها مكتظا بالأخطاء المتنوعة.

وربما لا يوجد شخص في الدنيا تقول له أن لغتك جميلة ويواجهك بمثل ما يواجهك به العربي عندما تقول له ذلك، فلو قلت للصيني : ما أجمل لغتك لتبسم وإزدهى، ولو قلت للياباني ذلك لتفاخر وأثنى على كلامك.  بل عندما شكوت لصديقي الياباني المتخصص بالإنكليزية عن معاناتي في البحث عمّن يتكلم الإنكليزية في شوارع مدينة كيوتو ليدلني على ما أريد الوصول إليه، قال لي: نحن لا نحتاج لتعلم لغة أخرى فلغتنا وافية وجميلة وتغنينا عن جميع اللغات.

ترى لماذا العربي ينفر من لغة الضاد؟!

يبدو أن العديد من العوامل قد لعبت دورها على مدى عقودٍ وعقود،  حتى أوجدت أجيالا تنكر لغتها وتستهين بها بل وتعاديها وتهزأ منها، وهذا نتاج ضعف أمة وإنهيار مقوماتها المعاصرة وفقدانها لدورها وأهميتها وعزتها وكرامتها وسيادتها.

ففي خضم مستنقعات الإستكانة والهوان التي وصلت إليها الأمة، صار الكلام المتكرر على أن سبب هذا التردي هو اللغة والدين والتأريخ، فكتب العرب أنفسهم الكتب والدراسات والبحوث والمقالات لتأكيد هذه الأركان الثلاثة ودورها فيما آل إليه العرب.

وكأن العرب لوحدهم عندهم لغة ودين وتأريخ، وفي هذا إنحراف وتدحرج وتبعية وإذعان للمروّجين لمثل هذه الأسباب وهي براء مما صار إليه العرب.

بينما العلة الجوهرية تتلخص في إنكار العرب للتفكير العلمي والتكنولوجي وضرورة العلم في صناعة الحياة القوية الكريمة المعاصرة.

فهل يتعلم العربي في المدرسة والبيت والمجتمع كيف يفكر، وكيف يقرأ، وكيف يضع أفكاره في كلمات، وكيف يُصنّع أفكاره ويحوّلها إلى موجودات فاعلة في الحياة؟

الجواب: كلا!!

وهذا هو الفارق الأساسي بين المجتمعات العربية ومجتمعات الدنيا، التي إتخذت من العلم صراطا مستقيما منيرا مطلق المسارات.

فلماذا لوم وتجريم اللغة والدين والتأريخ، ونحن مع العلم في شقاق وإفتراق؟!!

فاللغة العربية جميلة وفيها ما يغنيها عن باقي اللغات، وقادرة على إستيعاب المستجدات، وهي بحاجة إلى أمة حية معطاء، ذات إرادة علمية وعقل مؤهل للتفكير العلمي السليم.

فهل من قدرة على إشاعة التفكير العلمي والتحرر من هذا البهتان الرجيم؟!!

وعاشت لغة الضاد منيرة وهاجة بجمالها وبلاغتها وسحرها، وقابليتها على التواصل والرقاء والعطاء الأصيل.

وقل لغتي هويتي الناصعة الساطعة!!

 

د. صادق السامرائي

...............................

* ليس المقصود بهذا المقال كل عربي، وإنما الذي لا يعز لغته ويتنكر لها.

 

في المثقف اليوم