أقلام حرة

إصلاح الخطاب الديني أم السياسي؟!

صادق السامرائيبعض الساسة العرب وقادتهم يتحدثون عن إصلاح الخطاب الديني ويتجاهلون إصلاح الخطاب السياسي الذي هو الأساس، فلو كان الخطاب السياسي صالحا ومستوعبا وجامعا ووطنيا حقا، بمعنى يضع مصلحة الوطن والمواطنين أولا، لكان الخطاب الديني متماثلا معه.

فالخطاب الديني إنعكاس للخطاب السياسي، وفي المجتمعات العربية التي يفسد فيها الخطاب السياسي ويكون مفعما بالفئويات والمناطقيات والتحزبيات، ترى الخطاب الديني ينساق وراءه ويحذو حذوه ويكون مثله وأشرس.

فالمشكلة التي يتغافلها الساسة العرب أن الخطاب السياسي هو الأهم في رسم خارطة السلوك البشري، وأن الخطاب الديني عبارة عن صدى للخطاب السياسي، وهذا ماضٍ على مرّ العصور وفي مختلف المجتمعات البشرية، وما نسميهم بوعاظ الكراسي أو السلاطين موجودين في جميع المجتمعات والديانات.

فالديني يعتاش على السياسي والعكس صحيح، لأن العلاقة متبادلة ومترابطة وتكاد تكون إعتمادية أو تكافلية، ولهذا فأن الدعوة إلى إصلاح النتيجة والإمعان في تأكيد السبب وتطويره، سلوك فيه من الإضطراب ما يشير إلى العمل المغفل لصناعة الكوارث الإجتماعية والتداعيات المدمرة للبلاد والعباد.

وعليه فأن المطلوب أن يتحقق إصلاح حقيقي للخطاب السياسي، ويعمل القادة على كتابة الخطابات المدروسة والواعية المستوعبة، البليغة القادرة على توظيف الطاقات والقدرات لتحقيق تفاعل إيجابي مشترك ما بين أبناء المجتمع، للوصول إلى أهداف ذات قيمة شاملة وطاقات تأهيلية للأخذ بالناس إلى آفاق التقدم والرقاء، وعندها سينساق الخطاب الديني وراء الخطاب السياسي ويكون عونا له ومعززا لخطواته الحميدة الطيبة.

لكن إحتشاد الخطاب السياسي بالعدوانية والبغضاء والإنتقامية والإقصائية، والتهديد والوعيد والتخويف والقسوة على المواطنين، وأسرهم بالحرمان والركض المطلق وراء الحاجات، يؤسس لخطاب ديني مشحون بالسلبية والعدوائية، فيخسر الوطن والمواطنون.

ولهذا فمن الواجب على القادة أن يتحوّلوا عن دعوات إصلاح الخطاب الديني أو الإصلاح الديني، والعمل الجاد والمجتهد على إصلاح الخطاب السياسي، وتأكيد الإرادة الوطنية الصادقة لإنجاز الإصلاح السياسي النافع للناس، وبهذا تكون الأوطان عزيزة ويعيش المواطنون بكرامة وقدرة على بناء الحياة المشرقة بحاضرها الجميل ومستقبلها الأجمل!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم