أقلام حرة

التنبؤية العربية السلبية!!

صادق السامرائيالنسبة العظمى من الكتابات المنشورة في الصحف والمواقع العربية تكنز سلبية عالية، ربما تتجاوز نسبة التسعين بالمئة في أحسن تقدير، وهذه الكتابات تساهم في ترسيخ الإنكسار والإندحار، وسيادة مشاعر الإستلاب والحنق والغضب والكراهية والإنفعالية الشعواء.

فالواضح في الإنتاج المكتوب أنه تعبير عن الإستيائية والإكتئابية، والإمعان باليأس وإغلاق المنافذ وتغييب الحلول والمخارج، فالإبداع تعسيري الطباع والمنطلقات، ولا تجد فيه ما يدلك على دروب الحياة اليسيرة الطيبة.

ويلعب الكُتاب والمفكرون بأنواعهم دورا كبيرا في تنمية التداعيات في الواقع العربي، لأنهم يسوّغون ويبررون ويشجعون على الإستلطاف والإعتياد على الهضم والقهر والظلم والتمتع بالحرمان من الحاجات.

ويبدو أنها موجة نفسية إنفعالية طاغية على الرؤوس ومستعبدة للعقول، وممتهنة للتفكير ومتمكنة من القبض على إتجاهات الرؤى والتصورات، وملتزمة بقوة بتحطيم بوصلة الدراية والتوجيه، فتتحول الأقلام إلى آلات لتأكيد إرادة الإنهيارات والإنتكاسات، وكأنها قد توحلت في أطيان الخسران الأبيد.

والعلة أن أكثر الأقلام لا تلتزم برسالة واضحة ولا تتمسك بهدف نبيل، وإنما تميل أينما مالت المواقف والحالات القائمة في المجتمع، فلا تعرف الثبات ولا تبصر الصراط المستقيم، فالذي يطعمها ويغنيها هو دينها ومذهبها وأيديولوجية عباراتها وحبر كلماتها.

وبهذا تضيع الخطوات وتتيه الأجيال في معاقل البهتان والتضليل والإحتران، وتتبدد الطاقات والقدرات، ويفقد كل شيئ قيمته، ويكون الإنتماء للآخر البعيد هو الطموح والعنوان.

وفي هذا المعترك الراكد تتعفن مفردات وعناصر الحياة، وتفوح روائحها الكريهة ويتفسخ الجميل وينمو القبيح، وتتردى هياكلها وأعمدتها اللازمة لبلوغ آفاق التكوّن والإقتدار.

فالمنطلقات السوداوية تشحذ في الأعماق طاقات لتأكيدها، وبترسخها وتفاعلها مع الموجودات تتمكن من بناء الآليات الكفيلة بإثباتها، وتأكيد معالمها وكينونتها التفاعلية في الواقع الذي يعيش فيه الناس، فالتنبؤ إستحضار لمكنونات طامحة للحياة، والموجودات كائنات مصنعة في أوعية التنبؤات ومتفاعلة مع عناصر الطاقات لتحقيق ما فيها من الإرادات.

فهل سنتمكن من الإنتقال من السلبية إلى الإيجابية، ومن اليأس إلى الأمل، ومن القنوط إلى الطموح؟

وهل لأقلامنا أن ترعوي وتكتب بمداد حياة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم