أقلام حرة

الهذربة الفكرية!!

صادق السامرائيما ينتجه المفكرون العرب يمكن وصفه بالهذربة الفكرية!!

وهذا ليس هجوما أو عدوانا وإنما مواجهة واقعية صريحة ذات أدلة وبراهين دامغة ومتراكمة على مدى أكثر من قرن.

فالمفكرون العرب يرسّخون ويسوّغون ويبررون ويسمون ذلك فكرا، وما إستطاعوا أن يستنهضوا الواقع ويأخذون بيد الأجيال إلى فضاءات التبصر والإقتدار.

وما فعلوه إمعان في سحق الأجيال وردمها في مستنقعات التعفن والإنهيار.

وما عندهم سوى إجتهادات فنتازية لتفسير الإنكسارات والإنتكاسات والإندحارات، ولا يستطيع الواحد منهم أن يقدم علاجا نافعا لأبسط التحديات التي تعصف بأركان الواقع المعاش.

فهم عندما يواجهون تحديا يتقهقرون ويتدحرجون قرونا إلى الوراء، ويأحذون بلوم التأريخ والدين ويأتون بطروحات لا يقبلها العقل المعاصر والذهن العلمي المتنور، ويحسبون ما يقدمونه كأطروحة مقنعة هو الصائب والدواء، وهذا غير صحيح فليس كل ما هو مقنع صحيح وسديد.

وبسبب تحليقاتهم الفنتازية، لم يتمكنوا من التفاعل مع العقل العربي الجمعي، وتركوا الساحة خالية ومشرعة لرموز الضلال والبهتان بأنواعهم ومسمياتهم ودرجاتهم، فهؤلاء يمتلكون قدرات تفاعلية وتأثيرية قادرة على إستعباد الناس والتحكم بمصائرهم.

فالمفكر العربي قد أثبت عجزه وغياب دوره في الحياة على مر الأجيال ومنذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم.

فالأحزاب العربية لم تلد مفكرين قريبين من الناس، ولهذا سقطت في وحل التداعيات القاسية، وما أنجب العرب قائدا تأريخيا حقيقيا يمتلك مهارات الإستنهاض الجمعي وتفعيل الطاقات الشعبية كما حصل في الصين، وغيرها من المجتمعات التي وضع أركان صيرورتها مفكرون أفذاذ وقادة متميزون.

قد يغضب المفكرون مما تقدم ويأتون بأسباب وتفسيرات لكنها جميعا ستقع في وعاء الهذربة ولا تخرج منه، وهذه آلية يتم تشجيعها وتسويقها من قبل الطامعين بالوجود العربي، وبهذا فأن المفكرين العرب ربما يساهمون بقهر العرب عن غير قصد.

ولا يمكن للواقع العربي أن ينهض ويستفيق إلا بقيادة مفكرين مستوعبين لمفردات التكون والرقاء وغير منمغمسين بالتأريخ والدين، وكأن العرب لوحدهم أصحاب تأريخ ودين.

فلماذا الإمعان بالمسير في أنفاق مظلمة ومتاهات معتمة؟

ولماذا لا نعشق النور ونساهم في دفق الضياء الحضاري اللمعاصر؟

إن الحياة في العلم والتفكير العلمي وليست في التأريخ والدين!!

فهل من وثبة خارج مستنقعات الغابرين؟!!

 

د. صادق السامرائي

...................

* هذربَ: تكلم كثيرا وسريعا.

 

في المثقف اليوم