أقلام حرة

نكتب ولا نفرأ؟!!

صادق السامرائيفكرة الديمقراطية لا تعني الإنفلاتية، لكنها كذلك في مجتمعات تجهلها، وتتصورها كما تتوهمها، فتمضي في مسالك تدميرية تحسبها ديمقراطية.

ومن هذه الدروب أو المنزلقات أن الجميع في ليلة وضحاها أصبحوا كُتّابا، وراحو يسطرون ما يحلو لهم من الكلام وفقا لهذيانات حرية التعبير عن الرأي، وما يعبرون عنه لا يقترب من مفهوم الرأي وإنما هو ترجمة لشر مفلوت، وبرهنة على الركاكة والقحط المَعجمي والأسلوب القبيح.

فالجميع يكتبون، والقراء غائبون، والذي يكتب لا يقرأ!!

بينما في واقع الكتابة أن عليك أن تكون قارئا مدمنا لكي تكتب، وإن لم تقرأ فلا يمكنك أن تكتب بقدرات ذات قيمة معرفية، فالكتابة مسؤولية أخلاقية وفكرية وثقافية تتطلب جدا وإجتهادا وإخلاصا للكلمة وحرصا على اللغة، وروحا ذات نزاهة وإيمانٍ بالحقيقة وفقا لمعطيات وبراهين ودلائل رصينة وصادقة.

ولا يمكن لمن يكتب أن يكون مخمورا بالإنفعالية والعاطفية والتطرفية والطائفية والفئوية، والأفكار والمشاعر السلبية الداعية للكراهية والبغضاء والعدوان، والحث على الإجهاز على الإنسان، ولهذا فأن مثل هذه التطلعات الخبيثة ممنوعة في مجتمعات الدنيا ويُحاسب عليها القانون.

فالكتابة في مجتمعات ذات قيم وأخلاق ومفاهيم رحمانية وإنسانية، عليها أن تتعلم كيفيات التعبير الطيب وإنتقاء المفردة الجميلة المؤلفة للنفوس والقلوب والأرواح، لكي تتهذب النفوس وترتقي التفاعلات وتتآزر الجهود وتنسبك القدرات في سبل الحياة الحرة الكريمة.

وما يجري في واقعنا الإعلامي يشير إلى إنفلاتية عدوانية وإنسكابية بغضاوية تميل لتثمير الأخقاد والدعوة للكراهية والتمزق والإنقراض، وكأنها تجري على سياق ما مطلوب إثباته، وهو أن تضيع أمة العرب وتندحس في الأجداث.

فهل من إحترام للكلمة والتورع في الكتابة، لأن الكلمة الخبيثة طاعون الرؤوس والنفوس!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم