أقلام حرة

التجفيف الذاتي !!

صادق السامرائيالذات البشرية يمكن تجفيفها وتحويلها إلى عصف مأكول، أو إلى حطب منخور، يسهل كسره وسحقه وإحراقه في سعيرات الوجوم والهموم.

والحياة إرادة، ومَن يريد عليه إستحضار طاقات إرادته ورسم معالم الطريق الذي يوصله إلى غاياته، وفي كل مخلوق صوت رسالة، ونداء كينونة تريدها لوحة الحياة، وتنتظرها مسيرتها التي عليه أن يضخ ما يحويه فيها، لكي تتطور ويكون ويتواصل في تفاعله الخلاق.

فالمخلوقات كافة وبلا إستثناء تأتي محملة برسائلها التي عليها أن تترجمها وترحل، ولا يوجد مخلوق بلا رسالة تعبيرية عن طاقة كامنة فيه أسهمت في تكونه وولادته وسعيه فوق التراب.

وما يواجه الحياة ومخلوقاتها أن هناك تيارات عوامل وعناصر تسعى إلى تفريغ المخلوق من رسالته وطمره في ذاته ودفعه إلى التفجر والإندثار، فتأخذه إلى متاهات تضلله وتقضي عليه.

فالفكرة التي فيه تتطاول عليها العديد من الأفكار المناهضة والمعارضة لها، ويشتد الصراع بين الحالتين حتى ينتهي الأمر إلى كينونة تفاعلية ذات ملامح متفقة وقدرات إنتصار بعضها على البعض.

وفي دنيا البشر يحتدم الصراع فتجد البشر قد إستحضر ما يستطيعه من الرؤى والتصورات السلبية المكرِّهة لأي جهد جاد ومعبر عما فيه من القدرات، ويكون لهذه المداهمات دور تدميري وتضليلي، يدفع بالبشر إلى إحتقار نفسه وكراهيتها والعدوان عليها، بالقيام بما يضرها ويعزز إنهياراتها وما تحتضنه التصورات من تداعيات مريرة.

وهذه حالة بشرية صعبة ومصيرية تستوجب تدخلات نفسية وسلوكية مركزة ومتواصلة،  لبناء الذات اللازمة لطرد الآفات المتسيّدة على الوعي والإدراك، وتعزيز قيمة الذات الجديدة وإحياء ما فيها من الطاقات والقدرات، التي عليها أن تتأهل للعمل الجدير بالفخر والإعتزاز.

ويمكن أن تصاب المجتمعات بأمراض الذات التدميرية فتدفعها إلى التواجد في حالات مقهورة مسلوبة الإرادة مستسلمة ومؤهلة للتبعية، ومستلطفة للإنكسارات والإنهيارات المتنوعة، ومن سوء حظ بعض المجتمعات أن فيها من الدجالين الذين يستثمرون في ويلاتها وإنهزاميتها الكامنة فيها، فيوظفونها لأغراضهم الذاتية ونفوسهم السيئة التي تستجلب على المساكين الويلات الجسام، والمستثمرون فيها يتنعمون بالطيبات، كما يرونها ويتصورونها.

كما أن العديد من الأقلام تميل إلى سلوك تعزيز الحطام وتأمين الركام، وبذلك يحصدون ما يبغون، وقد سرقوا من الناس ما يريدون، ويوهمونهم بان الإقرار بالحرمان والمذلة من أسس الصراط المستقيم،  الذي يجب أن يُعبَّد بالمقاساة والوجيع لكي يتحقق الفوز بالنعيم!!

وذلك أفك عظيم وأليم!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم