أقلام حرة

أين نحن من السعادة؟

شاكر الساعديالسعادة: هي حلم كل إنسان، إنها الغاية التي يسعى إلى إدراكها في الحياة، إنها شعور يبحث عنه الجميع باستمرار حتى يعيش حياة رائعة، مليئة بكل ما هو باعث على الجمال والصفاء والهناء.

وقد أحتفل العالم الأربعاء الموافق 20 مارس باليوم العالمي للسعادة، وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ66 في العام 2012.

مفهوم السعادة مثلما حدده الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة (بان كي مون) يشمل التنمية المستدامة والرفاهية المادية والاجتماعية وسلامة الفرد والبيئة.

وقد صنف تقرير السعادة العالمي لسنة 2019، الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء 20 مارس، 156 دولة وفقاً لدرجات تتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والرعاية الاجتماعية، ومتوسط الأعمار، والحريات الاجتماعية، وغياب الفساد، وجودة الصحة والتعليم، وسوق العمل.

ويعتبر "تقرير السعادة" أن العالم يعيش تناقضاً واضحاً، فعلى الرغم من التقدم الهائل في مجال التكنولوجيا، نجد بالمقابل مليار إنسان لا يحصلون على كفايتهم من الطعام، كما أن هناك تدميراً للبيئة في كل بقاع الأرض، بينما الدول التي تحقق مستويات قياسية من النمو الاقتصادي يعاني سكانها من السمنة والتدخين والاكتئاب ومرض السكري وغيرها من الأمراض.

تصدرت فنلندا قائمة الدول الـ10 الأكثر سعادة في العالم لعام 2019، ويقول التقرير إن السبب في ذلك هو أنها تتميز بجودة التعليم ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة بنسبة 100%، كما تتميز البلاد بوجود أعداد كثيرة من البحيرات التي تحمي الدولة من أي مشاكل تتعلق بالمياه، إضافة إلى أنها واحدة من الدول الناجحة تجارياً.

تأتي بعد فنلندا الدنمارك والنرويج وأيسلندا وهولندا وسويسرا والسويد ونيوزيلندا وكندا والنمسا، وجميعها تشترك في أداء مميز في العديد من مقاييس الأداء الوطني بما في ذلك القدرة التنافسية الاقتصادية، ونوعية الحياة، ومستوى التعليم، والتنمية البشرية، ونظام الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تكلفة وسائل النقل العام معقولة، ونسبة الفساد المنخفضة.

أما الدول العشر الأقل سعادة في العالم والتي جاءت في ذيل تقرير السعادة فهي بالترتيب: هاييتي، وبتسوانا، وسوريا، ومالاوي، واليمن، ورواندا، وتنزانيا، وأفغانستان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان.

أين العراق؟

لم يأتِ ذكر أي دولة عربية في قائمة الدول العشر الأكثر سعادة في العالم، كما خلت أيضاً قائمة الدول العشرين الأكثر سعادة من ذكر أي دولة عربية.

وجاءت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً، لكن في المرتبة 21عالمياً، تليها السعودية التي جاءت في المرتبة 28عالمياً، ثم قطر التي حلت في المرتبة 29 عالمياً، وبعدها البحرين في المرتبة 37 عالمياً، والكويت في المرتبة 51 عالمياً، وليبيا في المرتبة 72 عالمياً، والجزائر في المرتبة 88 عالمياً، والمغرب في المرتبة 89 عالمياً، ولبنان في المرتبة 91 عالمياً، وأخيراً الأردن في المرتبة العاشرة عربياً، لكنها في المرتبة 101 عالمياً.

أما الدول الخمس التي حلت في ذيل قائمة الدول العربية، فهي بالترتيب: تونس في المرتبة 124 عالمياً، يليها العراق 126 عالمياً، ثم مصر 137 عالمياً، وسوريا 149 عالمياً، وأخيراً اليمن التي حلت في المرتبة 151 عالمياً.

عندما تتزامن مناسبتان

وهذا يأتي متزامناً مع احتفالات عيد النوروز العالمي إذ يحتفل ما يزيد عن 300 مليون شخص بهذا العيد حول العالم , وهم يشعرون بالسعادة حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2009..

لكن لم يكن نوروز دائماً محط ترحيب لدى السلطات والحكومات المتعاقبة على مر الزمن، فقد كان محظوراً في العديد من البلدان لأسباب مختلفة منها قومية وأخرى دينية، لذا كانت تقام الاحتفالات بطريقة شبه سرية أو مستترة تحت اسم أي مناسبة أخرى.

ففي سوريا وتركيا على سبيل المثال، كان الاحتفال بنوروز ممنوعاً باعتباره عيداً قومياً كردياً يعزز من الروابط القومية الكردية ولأنه "يهدد أمن البلاد" كما كانت تدعي الحكومات سابقاً.

لكن رغم ذلك كان الأكراد يقيمون الاحتفالات في ليلة نوروز بإطلاق المسيرات وإشعال النيران عند الغروب وسط إجراءات أمنية متشددة في المناطق ذات الغالبية الكردية في كل من تركيا وسوريا.

وغالبا ما ترافق ذلك باعتقالات للنشاء والسياسيين والفنانين ومنظمي الاحتفالات ومطلقي المسيرات وحتى حاملي المشاعل.

عيد رأس السنة الفارسية (النوروز).

كذلك يحتفل مئات الملايين حول العالم بعيد نوروز (اليوم الجديد) الذي يُعرف برأس السنة الفارسية، ويصادف 21مارس/آذار من كل عام. إلا أن هذا العيد ليس فقط رأس السنة الفارسية، بل يجمع الشعوب الآرية التي كانت تعيش منذ آلاف السنين في البقعة الجغرافية التي سميت بعد انتهاء عصر الإمبراطوريات، ببلاد فارس ثم تغير إلى إيران.

يعتبر نوروز العيد الوحيد الذي يُحتفل به من قبل قوميات وأديان وشعوب مختلفة عبر القارات وبمظاهر احتفالية ضخمة وباذخة أحياناً. وهو عطلة رسمية في الكثير من البلدان مثل إيران والعراق و قرغيزستان وأذربيجان وغيرها من الدول التي تعترف حكوماتها بهذا العيد.

عيد رأس السنة السومرية (الاكيتو)

يعتبر يوم 21آذار هو اليوم الحقيقي لبداية السنة في العراق القديم , ويعتبر هذا اليوم هو أول أيام شهر نيسان في تقويم الأشهر لبلاد وادي الرافدين حيث يكون في هذا اليوم ساعات الليل مساوية لساعات النهار وبها تدخل السنة الجديدة للبلاد منذ 3000 عام قبل الميلاد , وكان بسبب بداية الانقلاب الربيعي وبداية الزراعة وصب القالب للبناء وبداية الحياة للأشجار واخضرار الأرض ولهذا كانت تقام له احتفالات كبيرة في بلاد سومر وإقامة طقوس الاحتفالات والذهاب إلى بيت الاكيتو لكل مدينة وهو بيت كبير خارج المدينة بالأرض الزراعية يحتفلون لبداية السنة الجديدة ويقومون بذبح الثيران وتوزيع الحلوى وإقامة الصلوات والأدعية .

عيـد الآم

وفي وطننا العربي أتخذ معظم الناس يوم 21 مارس ليكون عيداً للأم لأنه أول أيام الربيع كرمز للصفاء والمشاعر الجميلة، وكان طرحهما مستمداً من احتفال الغرب به، فقد كان ابتكاراً أمريكياً ناتجاً عن حاجتهم لتذكر الأم بالهدايا والزهور والاهتمام ليوم واحد فقط في العام، فأصبحت الأم تنتظر أن تشعر بالسعادة في يوم عيدها المزعوم.

 عندما طرح المصريان مصطفى أمين وعلي أمين، فكرة الاحتفال به في الشرق الأوسط في عمودهما بجريدة أخبار اليوم المصرية التي صدرت عام 1944، وذلك بعدما سمِعا حكاية إحدى الأمهات التي ترملت وأولادها صغار، فكرّست حياتَها كلها لهم، حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا وانصرفوا عنها تماماً.

 

شاكر عبد موسى الساعدي/ العراق/ ميسان

 

 

في المثقف اليوم