أقلام حرة

كل عام وأنا أنتظر الرحيل

شاكر الساعديحينما يقارب عام على الرحيل ويشارف آخر على القدوم، أشعر بموت بطيء يسري في عروقي .. ففي بداية كل عام جديد أشعر أن ورقة من سنيين العمر قد سقطت، وصفحة من صفحاتي قد طويت، وهذا يعني أن قطاري الذي مضى قدماً بلا رجعة قد غادر محطته الخامسة والستين متوجهاً إلى أخرى، وسفينتي التي تسير في بحر الحياة قد أبحرت قاصدة مرفأ أخر .

لذلك أضطر الرجوع إلى تنبؤات الدكتور- أبو علي الشيباني - في قناته الفضائية (Iraq Future TV) وهو يطل علينا في بداية كل عام بشعره الطويل من الخلف لكي يزرع الرعب والخوف في النفوس بأن الزلزال قادم والموت قادم والأمام المنتظر قادم لا محالة،طائرات تسقط واغتيالات وتصفيات جسدية تطال العراقيين كما يقول معلمه، وهناك أشياء يخفيها هذا المتنبئ ولا يبوح بها للجماهير،لأنها من الممنوعات وليس من المستحبات.

ينتابني إحساس غريب بأن الأيام تمرّ مر السحاب، والأعوام تمضي سريعاً كالبرق، فلا يكاد يبدأ أسبوع حتى ينتهي، ولا يكاد يبدأ عام حتى ينصرم، بالأمس القريب ودعنا عام 2018، واليوم نستقبل عام 2019، فهل ما يحدث هو تقارب الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة).

لقد شهد عام 2018 حالة من الخوف والترقّب، وحلَّ ذلك العام والعراق محمَّل بأعباء الديون وهي تقدر بملايين الدولارات، وحجم الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية، إضافة إلى ما يحتاجه العراق من إعادة الأعمار، وكيف ستكون الصفقات والمشاريع في ظل الإدارة الحالية للدولة،هذا مع تداعيات أزمة اقتصادية وخيمة، أثَّرت على مشاريع البلاد والخدمات، وجميع القطاعات الأخرى، من تجارة وزراعة وتعليم وصحة وصناعة، وكافة نواحي الحياة الأخرى .

ويمكن أن نلخص أسباب هذه الأزمة: في فشل العملية السياسية، وما يترتب عليها من فساد وسرقات وصراعات جرَّت العراق إلى منحدر مظلم، كل هذا كان له التأثير الكبير في الأزمة الاقتصادية الحالية، فالعراق خسر أمواله على العمليات العسكرية نتيجة قتاله مع داعش، وسيخسرها بصفقات ومشاريع الأعمار الفاسدة .

وفي العام الجديد 2019، سيتكرر الأمر ذاته، سنخطئ .. ونتعثر.. وننهض.. ونحاول من جديد، سنخفق.. ونتألم.. ونتعلم، سنتعب.. ونثابر.. ونتظاهر، هكذا هي الحياة؛ نهار يعقبه ليل، فلا النهار يدوم ولا الليل كذلك، إن لم نحزن فلن نعرف طعم السعادة، وإن لم نخطئ فلن نتعلم، والأهم من ذلك نبقى أقوياء.. أتقياء.. عظماء في أعين أنفسنا حتى لا تكسرنا الحياة .... نحن العراقيون.

 

شاكر عبد موسى الساعدي/العراق / ميسان

 

 

في المثقف اليوم