أقلام حرة

الصافع والمَصفوع وأمة الدموع!!

صادق السامرائيصَفَعَ: ضرب على الخد بيد مبسوطة

الصافع مَن يقوم بالصفع والمصفوع مَن يتلقى فعل الصفع.

والصفع في بعض اللهجات المحلية يسمى "راشدي" أو "سَطرة"، ويُقال " إصفعه" وكذلك يُقال "يتلقى الصفعات" و " مصفوع ومخروع".

والصفع قد يكون باليد أو بالكلمات أو بالإجراءات الأخرى، التي تشير إلى أن الصافع متمكن من المصفوع ومتحكم بإرادته، فما عليه إلا أن يستسلم للصفعات بأنواعها، لكي يبقى كالدمية الحمقاء في قبضة أهوال الصفعات.

والعلاقة ما بين الصافع والمصفوع إمتهانية الطباع والتوجهات، وفيها هدر أخلاقي وإعتداء نفسي وجسدي وفكري وإستلابي، وقد يحصل التصافع بين المتزوجين والمتخاللين والمتعارفين والذين في علاقات أخرى.

ويمكن أن يتحقق السلوك التصافعي ما بين الدول والقوى الفاعلة في الأرض، فبعض الدول صافعة والأخرى مصفوعة، والصافع منها يمرر أجنداته وبرامجه وما يريده، وعلى المصفوع أن يذعن ويلبي، وإلا فأنه سيتلقى الصفعات المتواليات.

وفي منطقتنا معظم الدول إستلطفت الصفع وتعودت عليه، ولهذا فأن الصافع ما عاد يقيم لها إعتبار فيمرر ما يريده، وإن حركت رأسها أو حدقت بعيونها جاءتها الصفعات من حيث تدري ولا تدري، ويتم رهنها وتكبيلها بما لا تطيق، فتجد نفسها في محنة الحفاظ على وجودها، كالغريق الذي يتشبث بما ينقذه من الموت.

ويمكن القول بأن دول المنطقة مصفوعة على وجهها وقفاها وكل مفاصل حكمها المتنوعة، فهي لا تحيص ولا تفيص، وعليها أن تقول لبيك ياصافعي المَهيب، وافعل ما تشاء فأنا العبد المطيع، والتابع الحبيب.

ومن المعروف أن الصفعة يمكنها أن تصبح صفقة، وفي عالم القوة والإقتدار وعقلية المال والإستثمار، يكون القول بالصفعة تعبيرا متلبسا بصفقة، والمصفوع يتحول فيها إلى موجود معلب في أوعية الصفقات الكبرى.

ولهذا فأن المنطقة المصفوعة تتزاحم في ربوعها الصفقات والإستثمارات الإستلابية التدميرية، التي ترهن أنظمتها بمعادلات إقليمية ودولية لا قِبل لها على إستيعاب فحواها، لكنها تجد نفسها مصفوعةً بها ومصفودة بشروطها وحبائلها، التي تقبض على مصيرها وتمسك بعنق وجودها.

ووفقا لآليات الصفع الخلاق فأنها مرهونة ومحكوم عليها بالتنفيذ، وذلك حال دولٍ أنكرت جوهر ذاتها وفقدت عزتها وكرامة أمتها!!

فتصافعوا فيما بينكم، وتلقوا صفعات آكلكم السعيد بتصافعكم!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم