أقلام حرة

الحِيَل الكلامية والدين!!

صادق السامرائيالعقول المقتولة في مسيرة الحياة العربية تنسب إلى هذا الحاكم أو ذاك، بشتى مسمياتهم وعناوينهم، وفي حقيقة الأمر أن الذين قتلوهم هم أصحاب العمائم التي تهددت مصالحهم ومنزلتهم عند الكرسي الذي يتنعمون بعطاياه.

فلو تساءلنا عمّن قتل شيخ الإشراق السهروردي في حلب، سيكون الجواب أن الذي قتله هو صلاح الدين الأيوبي.

بينما الذين قتلوه هم الفقهاء الذين إرتعبوا من حظوته وتأثيره على أمير حلب إبن صلاح الدين الأيوبي، فأطلقوا فتواهم وتواصلوا في الضغط على أبيه لإرغام إبنه على قتله، رغم أنه لم ينفذ أمره أول وهلة، لكنه تلقى أمرا يهدده فيه بالإقصاء عن منصبه إذا لم ينفذه.

فإضطر لمحاكمته، والذين حاكموه هم الذين يسمونهم فقهاء، وبما أنهم على دراية بعلم الكلام وفنونه، فقد طرحوا على السهروردي سؤالا قاتلا هو: هل يستطيع الله أن يخلق نبيا بعد محمد؟

فكان جوابه إن الله مطلق القدرة!!

وفي تفسيرهم أو تأويلهم، أن السهروردي لا يؤمن بأن محمدا خاتم الأنبياء، وإن قال لا فأنهم سيقولون بأنه ينكر على الله قدرته.

ففي الجوابين تجريم وتكفير للشخص المستهدف، وهذا يعني أنهم إذا أرادوا قتل شخص مهما بلغ من العلم والمعرفة فأنهم سيتمكنون من ذلك بحيلهم الكلامية، وبهذا فأنهم بهذه الحيل يضللون العامة من الناس ويستدرجونهم إلى ما يريدون.

ولهذا فأن من السهل عليهم تكفير أية رؤية وطرح أو إتجاه، مهما كان معبرا عن الدين، فالدين الذي يرونه دينا هو دين الأهواء التي تعتمل فيهم، والذي لأجله يوظفون الحيل الكلامية للإنقضاض على مَن يعارضهم ويرى غير ما يرون.

ووفقا لذلك نرى أن الديمقراطية ستكون مفصلة على قياساتهم وتخدم منطلقاتهم، وأن القول بالعلمانية يعني الكفر والزندقة، لأنهم يستطيعون إثبات ذلك وخداع الناس مثلما فعلوا على مدى قرن أو يزيد.

فليس من السهل التفاعل مع الحيل الكلامية المقنعة بدين، وهي آليات خداعية للتضليل والتجهيل والإستثمار في الناس المدجنين لخدمة مصالح العمامة.

وعليه فأن من الواجب اليقظة والحذر من الحيل الكلامية المعممة والملتحية التي ترفع رايات دين!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم