أقلام حرة

استقالة بوتفليقة ومستقبل الدولة الجزائرية المنظور!

شاكر فريد حسنقبل ستة أسابيع ونيف خرج الشعب الجزائري إلى الشوارع والميادين في تظاهرات ومسيرات سلمية، تطالب الرئيس بوتفليقة بعد الترشح لولاية خامسة، وشيئًا فشيئًا ارتفع سقف المطالب الشعبية وصولًا إلى تنحي بوتفليقة ورحيل رموز الفساد التي عرفها شعب الجزائر لأكثر من عقدين من الزمن .

ما حدث ويحدث في الجزائر هو لحظة فارقة في مستقبل الدولة الجزائرية المنظور، لاستكمال مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المواطنة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .

وفي خضم الاحداث المتلاحقة التي لعب فيها الشعب الجزائري المحرك والدينامو الأساس، بات الجميع يدرك ان خلفه كان لاعبًا آخر قاد إلى استقالة بوتفليقة، هو المؤسسة العسكرية الجزائرية، ممثلة بالجيش . وهذا التحول في الاستراتيجية العسكرية لما كان ليحدث لولا سياسة بوتفليقة المنهجية، التي اتبعها ومارسها في قص أجنحة الصقور في المؤسسة الامنية .

ومن نافلة القول، أن احتجاجات الجزائريين الوطنية الحاشدة وحراك جموع شعب المليون شهيد، واصرارهم على مطالبهم وشعاراتهم العادلة، هو الذي أحدث التغيير في سياسة الحكم في البلاد، وقاد إلى استقالة الرئيس بوتفليقة، ورفضهم أي تدخل أجنبي في شؤونهم الداخلية .

الجزائريون الذي ذاقوا الويلات جراء الانقسام والحرب الأهلية، التي اجتاحت فيها القوى السلفية التكفيرية المسلحة مختلف المناطق الجزائرية، عرفوا كيف يمنعون حدوث أي شرخ داخلي، تتسلل فيه قوى واطراف خارجية مشبوهة، فاعتمدوا وسلكوا نهج السلمية والنضال الشعبي المدني الموحد، راية أساسية لتحقيق مطالبهم وهدف احتجاجاتهم المظفرة .

الضمانة الوحيدة لانتصار الجزائريين في ثورتهم الثانية لتحقيق الغايات والاهداف المشروعة وانبعاث الجمهورية الجزائرية الثانية، وبناء دولة المواطنة والحرية والعدالة، تكمن في قدرة الشعب الجزائري العظيم، ومن خلفه المؤسسة العسكرية الامنية، في استنهاض الهمم، ومواصلة التظاهرات السلمية، وصيانة وحدته الوطنية، لحين موعد الانتخابات القادمة للسلطة التشريعية والتنفيذية للدولة الجزائرية .

وإننا لعل ثقة تامة أن شعب الجزائر، الذي قدم ّ نموذجًا فريدًا في الكفاح والتضحيات من اجل الحرية المنشودة، قادر على المضي بخطى واثقة في دروب الاستقرار والازدهار والرخاء، وصناعة النموذج الحضاري للدولة المدنية الحضارية، وعاشت الجزائر وشعبها .

 

بقلم : شاكر فريد حسن

 

في المثقف اليوم