أقلام حرة

الجرأة والتغيير!!

صادق السامرائيالتغييرات المصيرية والحضارية بحاجة إلى جرأة ووضوح ومباشرة صارخة ودامغة، لا تعرف الخوف والتردد والتلاعب بالألفاظ والإعتصام بالرموز.

فالمجتمعات لم تحقق مرتقاها بآليات غامضة وألفاظ رامزة ومحايلات وإندساسات وراء الكلمات والعبارات.

المجتمعات إرتقت بجرأتها العقلية ومفاهيمها الدقيقة الواضحة الساطعة، التي تفاعلت مع الإرادة الجماهيرية وصنعت تيارا حضاريا واعيا متوثبا، ومنطلقا في مسارات التقدم  والتحدي والإيمان بصناعة المستقبل الأفضل، بل أن الجماهير الواعية قد إستحضرت مستقبلها وجسدته فحولت حاضرها إلى ورشة عمل إبداعي أصيل ومتواصل.

وفي مجتمعاتنا إنطلقت الجماهير وإندفعت تريد حياة أفضل وعصرا زاهرا، لكنها إفتقدت الرؤية والقيادة الثقافية الواعية الجريئة الواضحة.

فتحولت إلى هدف للقوى الغاشمة النائمة المتمترسة بأفكار ضلالية وتصورات بهتانية، تنسف العصر وتزيح الحاضر والمستقبل وتؤسس لويلات الغابرات، فدخلت الجماهير في متاهات وإضطرابات وتفاعلات غير مجدية، ترافقت بخسائر متنوعة باهضة في أغلب الأحيان.

وتسيّدت في بعض الدول العربية قوى ظلامية، أفزعت الناس وهيمنت على مصيرهم وصادرت إرادتهم  بإسم المتاجرة بالدين فتنامى الخوف، وشاع القتل والتكفير والمحق السريع لكل دعوة تنويرية وتوجه لإعمال العقل والنتفكير العلمي والتفاعل المعاصر المبين، لأن فيه تهديد لمصالح التجارة الدينية، ومنافسة معها على الأرباح الهائلة التي تجنيها من هذا التدجين والتركيع للبشر.

ولهذا ماتت الجرأة الفكرية والثقافية وتحولت معظم الأقلام إلى المحاباة والمداهنة، والإنغماس بالرمزية الغثيثة والترفع عن الجماهير والإندساس في صوامع نخبوية، فتحقق الإنقطاع ما بين عقول المجتمعات وإرادة الجماهير، التي هي الأخرى أسلمت أمرها للمتاجرين بوجودها الأليم، لكن الأمة تتمثل في صور رائعة معاصرة بين آونة وأخرى كما فعلت في تونس، وما بعدها وها هي اليوم تتألق في الجزائر والسودان ، وهذا يعني أن الأصوليات والظلاميات تدافع عن نفسها، وتتداعى في مهاوي الإنهزام الأكيد وهي في رمقها الأخير.

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم