أقلام حرة

امبراطورية قطر وأحلام اليقظة

ميلاد عمر المزوغيفي غياب اللاعبين الكبار في المنطقة العربية واعني بذلك (مصرن سوريان السعودية والجزائر) حاولت قطر أن تجد لنفسها موطئ قدمن  فبدأت وكأنها تسعى إلى أن تكون زعيمة للعرب فساعدت علي حل الكثير من المشاكلن ولأن تلعب دورا إقليميا أقامت علاقات مع الكيان الصهيوني لتكون مقبولة من جميع الأطرافن كما أنها لم تناصب إيران العداء عكس بقية الدول الخليجية الأخرى وبين ظهرانيها أقامت قاعدة أمريكية (السيلية) لتصبح إحدى قطع الأسطول الخامس.

بدأت قطر منذ 1995 تستضيف بعضاً من القوات الجوية المكلفة بالإشراف على منطقة حظر الطيران في جنوب العراق. وتحولت الجزيرة خلال التسعينات إلى واحدة من أكبر مخازن الأسلحة والعتاد الأمريكي في المنطقةن  وبنت على نفقتها مجمعاً يضم سبعاً وعشرين مبنىً لتخزين الآليات والقوات الأمريكية استعداداً للعدوان على العراق.

ما الذي جعل قطر التي لا تكاد تظهر على الخريطة والشعب القليل في عدده تتصرف وكأنها دولة عظمى او لنقال دولة اقليمية لها وزنها ما جعلها تتطاول على روسيا الاتحادية في مجلس الامن وماذا كان الرد الروسي؟ هل هو هوس العظمة بامتلاك الاموال التي يمكن توظيفها في الحصول على مكانة دولية مرموقة وقوة يحسب لها الف حساب. لقد اغدقت الكثير من الاموال في سبيل الإطاحة بالأنظمة التي تتشابه معها في كونها انظمة حكم وراثية تعسفية ظالمة. وتناست ان الدور سيكون عليها يوما ما ومرهون ذلك بانتهاء الازمة في سوريا سواء بقي النظام ام سقط.  لنقرا  ما كتبه الساسة الغربيون عن قطر.

يقول الكاتب والصحفي وليم أركِن في كتابه "الأسماء المشفرة"ن  بأن القيادة الجوية للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية CENTCOMانتقلت من السعودية إلى قطر ما بين عامي 2002 و2003ن  ومقرها قاعدة العديد الجوية التي تفتخر بأطول وأفضل المدرجات في عموم المنطقة. ويزعم أركِن أن قطر أنفقت ما يزيد عن أربعمائة مليون دولار لتحديث العديد وغيرها من القواعد مقابل "الحماية" العسكرية الأمريكية للدولة الخليجية الصغيرة. ويستطرد قائلا: وكان للقيادة المركزية الأمريكية في المنطقة الوسطى  CENTCOM  قبل أحداث 11 سبتمبر أربعة مرافق خاصة بها في قطرن  بالإضافة إلى حقها باستخدام أربعاً وعشرين مرفقاً تابعة للقوات المسلحة القطريةن  وكانت معدات فرقة مدرعة ثقيلة قد خزنت في موقعين منفصلينن  الأول في السيليةن  والثاني يقع جنوب غرب الدوحة  وعلى ذمة أركِنن  استضافت قاعدتا مطار الدوحة الدولي والعديد الجويتينن   أسراباً كثيرة من الطائرات الأمريكية المقاتلة وطائرات الشحن والحاملة للدبابات وغيرها. فالدوحة تعتبر محور النقل الجوي العسكري الأمريكي إلى جيبوتين  ودوشنبي في طاجيكستانن  والمصيرة في عمانن  وقندهار في أفغانستانن  وشمسي في باكستان.

أقامت قطر على أرضها "الجزيرة" وسحبت المذيعين الذين كانوا يعملون بالقسم العربي بإذاعة لندن لتكسب المشاهد العربي الذي كان مولعا بتلك الإذاعة وما تبثه من أخبار عندما كانت الإذاعات العربية تعاني من نقص شديد في الإمكانيات الفنية والمراسلينن  وجذبت المذيعين من بقية الفضائيات العربية وساهمت في تأجيج الخلافات بين أنظمة الحكم والمعارضة.

كشفت بعض الصحف أن لقاء جمع وزيرة الخارجية الصهيونية تسيفي ليفني السابقة بكبار موظفي وصحفيي قناة الجزيرة أثناء زيارتها للدوحة للمشاركة في مؤتمر الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرةن  وأضافت صحيفة الغد الأردنية بأن قناة الجزيرة لم تعلن رسميا خبر اللقاء إلا أن الصحف الصهيونية كشفت الاجتماعن  مما حدا بالجزيرة إلي تأكيده بعد كشف الصحافة الإسرائيلية لهذا اللقاء. وقد أشارت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية أن لقاءا مهما أجرته تسيفي ليفني مع قيادة محطة الجزيرة الفضائية وان الزيارة كانت ايجابية حيث رحب كبار موظفي الجزيرة بالوزيرة السابقة واجروا محادثات غاية في الأهمية.

كما أنشأت قطر الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين واختارت رئيسا له ليصدر فتاوى تتطابق وآراءها.

نقل مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية "بيتر بومونت" من العاصمة الليبية طرابلس القلق المتصاعد من الدور القطري في مستقبل الدولة الليبية. وعبرت الصحيفة عن القلق المتزايد لدى أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي والمسؤولين الغربيين بأن قطرن  التي قدمت أسلحة للثوارن  تتبع أجندة خاصة لمرحلة ما بعد الحرب في ليبيا على حساب جهود أوسع لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد .وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مزاعم أيضاً بأن قطرن  وبدلاً من دعم المجلس الوطني الانتقالين  اختارت دعم بعض الشخصيات الرئيسية المفضّلة بالموارد المالية وغيرها.

بفعل دعم قطر لتنظيم الإخوان المسلمين العابر للقارات واتخاذها مأوى لهمن خلقت عداوات لها مع كل من مصر وليبيا وسوريا والسعوديةن ضيّق عليها الخناق فأصبحت محاصرة اشبه بجزيرة تتقاذفها الأمواج .تنفق أموال الشعب القطري في سبيل زعزعة الامن والاستقرار في بلدان عربية بدلا من انفاقها على الشعب القطري الذي يفتقر الى ابسط سبل العيش الكريم. لم يدم حكم الإسلاميين طويلا في مصر بينما يحتضرون في ليبيا تحت ضربات الجيش الوطني الذين عملوا كل ما في وسعهم لوأدهن لم يبقى لهم إلا التوجه الى الآستانة ملاذهم الأخيرن في ظل حكم السلطان اردوغان الايل للسقوط.

وبعدن هل ايقن حاكم قطر الحالي تميم انه واهما كما كان ابوه حمد عندما اعتقد انه بإمكانه ان يكون زعيما للعربن فالزعامة لمصر سواء سعت بهم الى مصاف الدول المتقدمة ام اوصلتهم الى الهاويةن  وان الصغار يبقون صغارا وان سمحت لهم الظروف باللعب في ملاعب الكبارن  وان الكبير كبير وان جار عليه الزمن .

أقول إذا كانت أبسط معايير الديمقراطية هي وجود انتخابات ومجالس محلية ولو مزيفة وأحزاب ولو شكلية فأين قطر من الديمقراطية وقد تربع أميرها وأسلافه على عرش الإمارة ردحا من الزمن ولم يتم تداول السلطة إلا بالوفاة ويضيّق الخناق على المعارضة الوطنية غير المعترف بها من قبلهن  أليس من سخرية القدر أن يتشدق أمير قطر بالديمقراطية وهي منه براء. ترى هل تستطيع قطر بكل هذه المعطيات "المالن  الإعلامن  رجال الدين " أن تكون لاعب أساسيا بالمنطقة؟ أم أن ذلك مجرد زوبعة في فنجان سرعان ما ينكسر وتنكشف اللعبةن  وعلى قول ألجواهري "يلهى بها وتداس بالقدم".

 

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم