أقلام حرة

هكذا انهار مجمع سوناطراك أو عملاق إفريقيا في الجزائر

علجية عيشلم يشهد المجمّع البترولي الجزائري "سوناطراك" أو كما يسمونه "عملاق إفريقيا" أزمة حادة كالتي شهدها في عهد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة كادت المؤسسة أن تصل إلى حد الإفلاس والتصفية، بفعل تجاوزات وتلاعب في الثروة الباطنية، كانت سببا في تجويع الشعب وإبقائه في فقر دائم، ولعل العهد الذي وصف بالذهبي الذي عاشته المؤسسة أيام الرئيس الراحل هواري بومدين لن يعود، اللهم إذا حدثت معجزة تعيد البلاد إلى سابق عهدها

لم تعرف الجزائر أزمة كالتي عرفتها أزمة سوناطراك، وما خلفته من آثار سلبية على الإقتصاد الوطني وكانت المؤسسة أكبر قضية فساد عاشتها الجزائر في المرحلة العزيزية أي اتهم فيها رجال أعمال ورجال سياسة كانوا مقربون من الرئيس بوتفليقة، وسونطراك هي مجموعة بترولية حكومية تختص بالمهن المتعلقة بإنتاج وتسويق المنتجات النفطية، وتعتبر الشركة وأفرعها منذ تأسيسها عصب الاقتصاد الجزائري، ولكونها إحدى أكبر وأنشط الشركات الإفريقية عبر العالم، لقبت بالعملاقة الإفريقية، كما ارتبطت سوناطراك بشركات أجنبية ألمانية وإيطالية، وشبهت أزمة سوناطراك بحلقات مسلسل درامي، البطل فيه زعيم عصابة، والممثلون مجرمون محترفون، تخرجوا من مدرسة الفساد، وكما تقول التقارير يعد وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل المتهم الرئيسي في هذه القضية باعتباره الوصي الأول عن أهم قطاع حيوي منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم من الفترة 1999 إلى 2014، وليس من الضروري العودة إلى مجريات الأحداث، فالجميع تابع القضية، حينما كشفت التحقيقيات عن وجود شبكة فساد دولية ضمت مسؤولين كبار في الدولة، حينها طالبت السلطات الجزائرية القبض على 09 متهمين في القضية كانوا خارج التراب الوطني ومحاكمتهم، كان هؤلاء يتلقون رشاوى وعمولات من شركات أجنبية تنشط في الجزائر، مقابل الحصول على صفقات مع شركة النفط الجزائرية سوناطراك، وظلت فضيحة «سوناطراك» تثير جدلاً واسعاً في الجزائر منذ انفجارها قبل ستة أعوام، حيث تعود بدايتها إلى أوت 2013 .

في عهد بومدين سوناطراك سيطرت على 80 % من الموارد النفطية

وإن كانت أكثر من 95 بالمائة من عائدات الجزائر تأتي من الأنشطة المرتبطة بالنفط والغاز في عهد بوتفليقة، ففي عهد الرئيس هواري بومدين كان المجمع وحده يحقق 80 بالمائة، حسب التقرير الذي أجراه الدكتور عبد السلام فيلالي في كتابه الجزائر "الدولة والمجتمع" تحدث فيه عن سياسة الرئيس هواري بومدين في مخططه الرباعي الأول في الثلاث سنوات الأولى من مرحلة السبعينيات، كانت أهم ميزة المخطط هي تأميم المحروقات في 24 فيفري 1971، حيث سيطرت شركة سوناطراك على النسبة المذكورة آنفا، أي 80 بالمائة من الموارد النفطية، كانت التنمية تعتمد اساسا على المحروقات، حيث كان يحتل مكانة هامة في برامج الإستثمارات الصناعية، وتمكن الرئيس هواري بومدين مع بداية 1974 من جعل المؤسسات الأجنبية تحت رقابة الدولة الجزائرية، يشار هنا أن الثروة النفطية كانت مضمون النقاش في اتفاقيات إيفيات من أجل التعاون المشترك، وكان موضوع النفط مهما في العلاقة مع فرنسا، حيث أبرمت اتفاقية خاصة بالمحروقات والتنمية الصناعية في 29 جويلية 1965، وكانت هذه الإتفاقية في صالح الجزائر، حيث استفاد منها الرئيس هواري بومدين إذ رأى فيها فرصة للتخلص من الوصاية والتبعية، وابتداءً من 1966 تم تدشين استراتيجية بترولية جزائرية، تم فيها بعث صناعة وطنية تكون بمثابة قاعدة لإستغلال المحروقات، وتم التحكم في جميع المؤسسات الصناعية وإعطاء مصداقية أكثر لموقف الجزائر في تسييير مورادها من المحروقات.

يقول التقرير انه ضمن هذا التصور جاءت اتفاقية الغاز الشهيرة مع شركة إلباسو EL-PASO الأمريكية سنة 1969 التي تقضي بتزويدها بـ: 10 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لمدة 25 سنة، مكنت الجزائر من الخروج من الحصار والوصاية التي فرضتها الشركات الفرنسية على النفط الجزائري، كما أنه رفع شركة سوناطراك الحديثة النشاة لكي ترتقي المكانة التي هي حكر على الشركات العريقة، ومن ثمّ أكسبها مصداقية وشهرة، فسياسة بومدين من تأميم المحروقات هو إبعاد الشركات الفرنسية وبالتالي وضع كل النشاطات تحت تصرف الشركة الوطنية سوناطاك وتعزيز الإستقبلال الإقتصادي للجزائر كما ورد في ميثاق 1976، مما اعطى للطقاة أهمية عظمى، لدرجة أن قطاع المحروقات عوض الزراعة كقاعدة نمو لفقتصاد في الجزائر، كانت فيها المؤشرات خضراء، وبالرغم من ذلك كانت سياسته الإقتصادية قد واجهت عدة انتقادات.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم