أقلام حرة

الناشرون وما يبررون!!

صادق السامرائيالناشرون في مجتمعاتنا يجيدون تبرير أزمة الكتاب بأسباب كثيرة، ويلقون اللوم على المواطن ويعفون أنفسهم من المسؤولية، ويغفلون بأنهم لا يمتلكون مهارات تسويقية تضاهي خبرات وقدرات الناشرين في المجتمعات الأخرى.

فمشكلة الكتاب ربما تسويقية بالدرجة الأساس، فالقراءة من مستلزمات التفاعل مع الحياة المعاصرة، ولا يمكن الجزم بالأمية المطلقة، لأن إرادة القراءة أصبحت ذاتية وأساسية كالماء والهواء، ولا بد من تعلمها بالمدرسة أو غيرها.

فالمجتمعات تجاوزت مفاهيمنا العتيقة التي ترسخت فينا وتقيدنا بها،  وما عدنا قادرين على التحرر من قبضتها، ونكررها وكأن الزمن لا يتحرك والدنيا لا تتغير.

فلماذا لا يتحرر الناشرون من هذا التوصيف ويجتهدون في تسويق الكتاب، بدلا من اللجوء للمعارض السنوية وحسب.

في مجتمعات الدنيا تجد مفهوم المعرض قائم يوميا في المحلات التجارية ،  فأينما تذهب تجد معرضا للكتاب، إضافة لدور الكتب المتخصصة والمكتبات العامة المنتشرة في كل مكان.

ولماذا لا يتعلم الناشرون  آليات تسويقية ومعرضية دائمة للكتاب، ويبتكرون وسائل ترغيبية وتشجيعية لتحبيب الكتاب والتفاعل معه على أنه من ضرورات الحياة الحرة المعاصرة؟

وكأنهم لا يختلفون عن السائد من سلوكيات الطرح السلبي الفاعل في الواقع العربي، مما يعني أنهم لا يساهمون في التنوير والتأهيل العقلي، وإنما يعززون النظرة البعيدة عن إرادة التحدي والإقدام والتطور والرقاء.

إن للناشرين دور مهم في إستنهاض الأمة وإخراجها من رقدتها، وتحويلها إلى طاقة منيرة ومشاركة في الحضارة الجديدة، وذلك بتسويق الكتاب وتحويله إلى بضاعة أساسية لا ثانوية أو ترفية، فمثلما يشتري المواطن طعاما لمعدته عليه أن يشتري طعاما لعقله، فإطعام العقل له الأولوية، وهذا يتأتي من خلال التوعية المتواصلة والإعلام الدعائي المؤثر.

ومن الواضح أن الدعاية للكتاب تكاد تكون معدومة في مجتمعاتنا، بينما هي على أشدها في المجتمعات الأخرى، إذ تقرأ ملخصات ومراجعات كتب في الصحف والمجلات، وإعلانات عن الكتاب الجديد ومقابلات إذاعية وتلفازية وصحفية مع مؤلفه، وهذا يقوم به الناشرون والمسوقون للكتاب، وبهذا تتحقق مبيعات جيدة ويتعلم المواطن سلوك التفاعل مع الكتاب، كمادة ذات قيمة مهمة في حياته.

ترى هل سيتوقف الناشرون عن التشكي ولوم القارئ العربي، ويجتهدون بفنون ومهارات تسويق الكتب  لكي ترتقي الأمة بعقولها المتفاعلة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم