أقلام حرة

شهرُ رمضانَ محاولةٌ لاكتشافِ قيمةِ العلاقةِ مع الله

نحنُ في تَجرِبَتِنا في هذهِ الحياة، في خبراتنا المحدودةِ في هذه الدُّنيا قد نتوهم ان الاشياء من حولنا، وان علاقاتنا بها تُشَكِّلُ كل حياتنا، وانَّنا لايمكن ان نستغني عن علاقاتنا بالاشياء والاشخاص من حولنا، التي نراها قِيَماً حقيقيةً، وليست قيماً موهومةً اواعتباريّةً ....لذلك بعض الناس ينتحر اذا خسر امواله ؛ لانه لايجد لوجوده وحياته مُبَرراً بعدها، وينتحر اذا خسر موقعا اوحبيبا ؛ لاننا نرى ان هذه الاشياء تمتلك قيماً حقيقيةً في حياتنا ووجودنا .

الحقُ أَنَّ الاشياءَ والاشخاصَ تمتلك قِيَماً حقيقيةً في ذاتها مجردةً عن العلائق والروابط، وقيمُ الاشياءِ الحقيقية مصدرها الله تعالى، اما نحن فنعطيها القيم الاعتبارية من خلال هذه العلائق والروابطِ والنِسَب .

الذهب والفضة لهما قيمة حقيقية في ذاتيهما بغضِّ النظر عن العلائق والروابط والاعتبار الذي اضفاه الانسان عليها حين جعلها نقداً رائجاً، وهذه القيمة مصدرها الله تعالى، واما القيمة الثانية، فهي قيمة مصدرها الانسان، الاعتبارُ الانساني هو الذي اضفى عليها هذه القيمة. الفَتُنا وانسُنا بعالم الاشياء والاشخاص، هو الذي جعلنا نعيشها وكأنّها حقائق لامجردَ نِسَبٍ وروابط .

فاذا كانت هذه الامورية هي مجرد نسب وروابط، ففقدُها لاينبغي ان يُشَكِّلَ كارثةً مُدَوِّيَّةً تُودي بحياة الانسان وتُنهي وجوده .

اغلبُ الناس لاينظر الى القيم الحقيقية في الاشياء، ولاالى مصدر هذه القيم الذي هو الله، الذي يُضفي القيم على الاشياء، بل جُلُّ نظرِهم الى القيم الاعتبارية، الى النسب والروابط، وينظرونَ الى مصدرِ هذه القيم الاعتبارية (الانسان)، ويعطونه اكبر من حجمه .

الصوم مهمته قطعَ اهتمامِنا المبالغِ فيه في عالم الاشياء والاشخاص . فلسفةُ الصومِ ان تنهيَ العادةَ والمألوف والانسٍ بعالم الاشياء .... فالمباحات مُحَرَّمةٌ على الصائمِ طيلة النهار، ليكتشف الصائم انه بامكانه ان يستغنيَ عنها، وان يستعليَ عليها ؛ لانها اعتباريات، وهي مجرد علاقات ونسب وروابط، بامكان الانسان ان يكون سيدا عليها لا ان يكون عبداً لها .

فلسفةُ الصومِ ان نكتشف حجم الاشياء، وان نراها على ماهي عليه .. ان نراها في ذاتها، لافي مانضفيه عليها من قيمنا الاعتبارية او الموهومة .

في الصوم يكتشف الصائم القيمة الحقيقية لعلاقته بالله عزوجل مصدر هذا الوجود ومصدر الحياة، ويكتشف الانسان موقعه في هذا الوجود باعتباره مستخلفاً عن الله تعالى شأنه .

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم