أقلام حرة

النسبي والمطلق والدين!!

صادق السامرائيالأديان منذ الأزل هي تصورات ومعتقدات نسبية، ولهذا تطورت وتعددت، لكنها وبلا إستثناء ترى أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وأن دينها هو الدين وغيرها لا دين، رغم أن جميعها تعبيرات عن الغيب الذي لا يمكن إدراكه، وتتوهم المطلق الذي يعجز المخلوق النسبي عن الإمساك بوعيه ومعرفته.

وبسبب هذا الموقف مضت البشرية في حروب وتصارعات متواصلة ولن تنتهي، إلا إذا أدركت الأديان بأنها ذات قدرات نسبية، ولا يمكنها أن تكون مطلقة الدراية وتمتلك جوهر الحقيقة .

وما يتفرع من كل دين يمارس ذات السلوك، فيترجم وهْمَه في أنه الذي وجد الحقيقة ويمثل الدين الأصوب والأصدق.

ويبدو أن التطورات المعرفية والعلمية في القرن الحادي والعشرين، ستضع الأديان على المحك، وستتوصل إلى حقائق مذهلة ربما ستزعزع جوهر العديد من الأديان، مما يعني أن الأديان ستنكمش وتحاول التمترس والإنغلاق.

 لكن تيارات التواصل الإليكتروني العابر للقارات والحدود  ستنتصر عليها، وستدفع الناس للتعامل الإنساني وإحترام حق الحياة، والتفاعل الواعي الذي سيضع المسميات الإعتقادية بأنواعها في آخر قائمة الخيارات والتفاعلات ما بين البشر الذي يصنع الحياة.

فلن تبقى قيمة للمسميات الدينية والإعتقادية والمذهبية والطائفية، وما شئت من تصنيفات التدمير البشري، إنها ستذهب في غياهب النسيان، وأنها في محنة التصارع على البقاء، وما هي إلا ستلفظ أنفاسها الأخيرة، وسيكون القرن الحادي والعشرون مقبرتها، ولن ينجو من أهوال إشراقاته وأنواره إلا التي ستؤمن بالعقل والعلم والبحث، وترى الحقائق نسبية وذات أعمار تتناسب عكسيا وسرعة تيار الفيض المعرفي والعلمي.

فلا مطلق فوق أرض تدور، فإثبات دوران الأرض قد زعزع المطلق الذي  كانت الأديان تتوهمه، لأنها كانت تحسب أن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة، بمعنى أن التغيير لا وجود له، وأن العقائد الدينية لا تقبل النظر والتفاعل مع إرادة الدوران.

فما دامت الأرض تدور فلا مطلق فيها، وإنما كل شيئ محكوم بنسبية قابضة على مصيره، فالأرض ليست وعاءً للمطلقات الإعتقادية، ولهذا تتقاتل فيها المطلقات!!

وعليه فأن الإنسان لا بد له من التفاعل مع هذا العصر المتدفق بالمستجدات والعطاءات الإبداعية الأصيلة، وأن يكون مشاركا فيه لا عالة عليه، وأن يحترم العقل الآخر والرأي الذي عند أي إنسان.

فهل أدركنا حقيقة الدين والإيمان؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم