أقلام حرة

لويزة حنون.. إصرارها على "القطيعة" وراء حبسها

 علجية عيش(أول امرأة تترشح للإنتخابات الرئاسية وتدعو لبناء الجمهورية الثانية)

أشاد ملاحظون بموقف أحزاب المعارضة على غرار حزب جبهة القوى الإشتراكية " الأفافاس" وحزب جيل جديد لمؤسسه جيلالي سفيان اللذان عبر عن تضامنهما مع زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي تم إيداعها الحبس المؤقت بقرار من المحكمة العسكرية بسبب مواقفها وتصريحاتها الإستفزازية للسلطة والنظام القائم، فلويزة حنون منذ تأسيس حزبها لم تتوان يوما في شن الحرب على السلطة، وإعلان "القطيعة" مع النظام وكذلك القطيعة مع الحزب الواحد، الذي طالما نعتته بالدكتاتوري ووجهت للمسؤولين عليه أصابع الإتهاد بالفساد، بل سلكت اتجاها آخر وهو الدعوة إلى وضعه في المتحف، وإن كان مسلسل الإعتقالات مسّ رجال أعمال ومسؤولين في الحكومة من وزراء ومدراء بسبب رشاوي أو سرقات للمال العام أو أمور تتعلق بالمساس بأمن الدولة، فهذا له مبرراته، أما أن تقتاد رئيسة حزب (امرأة) إلى السجن بدون تهمة معينة فهذا يطرح الكثير من التساؤلات، حيث اعتبره ممثل الأفافاس قمع للأصوات، وهو حسبه إجراء تعسفي هدفه إفشال الثورة الشعبية (الحراك الشعبي)، الذي يطالب بالتغيير الجذري للنظام وبناء دولة ديمقراطية بمضمونها السياسي والإجتماعي، وبناء عدالة مستقلة وحرة.

 وتعد زعيمة حزب العمال في الجزائر أول من دعا إلى "القطيعة" في كل موعد انتخابي سواء محلي او رئاسي، وكانت دائما تنادي بإرجاع الكلمة للشعب حتى يتسنى له اختيار المؤسسات الجديدة طبقا للدستور الجديد وكل ما يخص مصير البلاد، إذن كانت دعوة لويزة حنون إلى القطيعة مع المعاناة والهشاشة الإجتماعية..، مع النهب، القطيعة مع اللا تنظيم والإستغلال ..، مع التهميش..، مع الإقصاء والتمييز، كانت القطيعة مع الإمبريالية، القطيعة مع التفسخ السياسي، وهي الظاهرة التي استفحلت في الجزائر، رسمت فيها السلطة لوحة للممارسات "المافياوية "،  ولأنها تتبنى الإتجاه الإشتراكي، فكان موقفها مع أن تكون الملكية الجماعية غير قابلة للمساس، وهي تشمل باطن الأرض من ثروات معدنية ومناجم والموارد الطبيعية للطاقة وبالأخص"المحروقات " والثروات المعدنية، ونددت بقانون 07/05 الذي كرس تراجعا في تأميم المحروقات ..الخ، وكانت لويزة حنون تحذر دوما من الإمبريالية، وتدعو إلى نظام جمهوري باعتباره الأكثر ديمقراطية، وتدعو كذلك إلى تثبيت و تعزيز الجمهورية، وتعتبرها واحدة غير قابلة للتقسيم.

 ومنذ تأسيس حزبها في 1990، كانت لويزة حنون تؤكد على الدولة المدنية لبناء الجمهورية الثانية، وتحذر من مخاطر "الطائفية" لأن النظام الرئاسي لم تكن له الرغبة والوسائل الكافية لفرض الرقابة وكان يسمح بتعايش سياسات متناقضة، وكانت لويزة حنون ترى أن الدولة القوية هي التي تستمد قوتها من الشعب، وترى في المواطنة حق كل فرد في المشاركة في تسيير شؤون البلاد واختيار ممثليه، فكانت تدعو إلى ترسيخ ديمقراطية العهدة، واستقلالية القضاء بالنسبة لها حجر أساس في بناء الديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون، وشملت انتقاداتها اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التطبيق في 2005، حيث لم تجن منه الجزائر سوى نتائج سلبية في كل القطاعات والدليل فقدانها آلاف المؤسسات وإفلاسها وانتشار البطالة، التي كانت نتيجتها الهجرة الغير شرعية، وكانت لها الجرأة والشجاعة في إعلان الحرب على الفساد من أجل تقوية مناعة الأمة، هذه مواقف لويزة حنون التي كانت تقود مجموعة الـ: 19 المعارضة، بعدما رفض الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة استقبالها فاستنجدت بـ:19 شخصية، لدرجة أن بعض الملاحظين فسروا تصرفاتها بالخروج عن نطاق المفاهيم الثقافية والسياسية الثابتة.

 والذي يتتبع تصريحات زعيمة حزب العمال يقف على حقيقة أنها لم تكن على وفاق بما تعرضه الأحزاب السياسية حتى المعارضة منها، وكانت كل ما يصدر بيان إلا وحاولت تغليط الرأي العام بأن فيه مغالطات، انتقدت كل المبادرات وطعنت فيها، سواء ما تعلق بالدستور، أو ما تعلق بالدولة المدنية، بحيث كانت لها مواقف فردية قريبة من التسلط حتى على مناضليها ونوابها، هذه لويزة حنون التي وصفها البعض بالمرأة "المقاومة" وآخرون وصفوها بالمرأة "الحديدية"، لويزة حنون الىي كانت أول امرأة في الجزائر تترشح للإنتخابات الرئاسية وتقف ندا للند لمرشح السلطة عبد العزيز بوتفليقة الذي اختاره العسكر ليكون حاكما للبلاد في عام 1999 لكنها فشلت في أن تكون رئيسة دولة، ليس لعجزها، و ليس لأن المجتمع الجزائري مجتمع ذكوري، أو أن الدّين لا يقبل أن تكون المرأة في الحكم، وإنما لأمور مقصودة لم يقدر عليها الرجال، لأن الأوامر كانت تأتي من وراء البحر .

 والسؤال الذي يطرح بشدة، هل حبس لوزية حنون يعود إلى مواقفها الشرسة من السلطة؟ أم أن هناك أمور تطبخ ضدها في الخفاء بعدما فتحت وزيرة الثقافة لعبيدي ملفها في العدالة من جديد، وهي المحسوبة على حزب جبهة التحرير الوطني، أم خشية من استدعائها أعضاء لجنة الـ: 19 لإنقاذ الجزائر أو من بقي منها عن الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي اتهم المسؤول السابق على دائرة الاستعلام والأمن الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، بأنه وراء دعم هذه اللجنة لأجل مقابلة الرئيس بوتفليقة، والسؤال الذي يلح على الطرح هو: لماذا تم توقيف لويزة حنون في هذا الظرف بالذات؟ وبعيدا عن مواقفها فلويزة حنون بالرغم مما قيل عنها، وما ألصق بها من تُهَمٍ، فقد عرفت بأنها المرأة الوحيدة التي تحشر نفسها في كل شيئ، فهي تمارس السياسة بكل فنونها، فكيف لا تقحم نفسها في مسائل تتعلق بأمن بلدها،  وبخاصة ردها الأخيرعلى الإدارة الأمريكية وتدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد، للتذكر ان حوب العمال هو امتداد للمنظمة الاشتراكية للعمال التي كانت تعمل في السر قبل الإعلان عن التعددية في الجزائر في عام 1989، وتلاسس في 1990، وهو حزب يساري معارض يتبنى المبادئ التروتسكية، هدفه الدفاع عن حق العامل والطبقات الاجتماعية الأكثر عرضة للاستغلال، ووقوفه في وجه الخصخصة، اعلن حربه على الإمبريالية ودعا إلى تدخل الدولة لحماية المستهلك.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم