أقلام حرة

مسؤولون يُشِيدُونَ بالصَّحَافة الإلِكْترُونِيّة

علجية عيشاحتلت الصحافة الإلكترونية مكانة رفيعة بفضل الموضوعية والمصداقية في معالجتها الأخبار في الداخل والخارج والإهتمام بما يشغل المواطن على مستوى محلي وترفع انشغالاته إلى مستويات عليا، ومنها أصبح صوت المواطن مسموعًا، لاسيما والعالم اليوم يشهد ثورة تكنولوجية كبيرة أثرت في مختلف مناحي الحياة الإنسانية، حيث استطاع إعلاميون مواكبة التطورات التكنولوجية في ظل تنوع الأحداث واستمرار الثورات العربية، في كل مكان وبالأخص في الجزائر أمام الحراك الشعبي الذي تشهده الساحة الوطنية، وتبلور الوعي السياسي للشباب الذي اصبح يتابع ألأحداث ويطالب بالتغيير الجذري للنظام، والتعامل مع الإنترنت امتد إلى مواقع التواصل الإجتماعي (الفايسبوك، التويتر، الأنستغرام وحتى المدوّنات) بحيث نرى أسماء شخصيات ومسؤولين كبار، رؤساء احزاب، كتاب وأدباء، إعبلاميين يفتحون صفحات رسمية لهم، ليتركوا بصماتهم في هذه المواقع، حيث أوصلوا صوتهم إلى ما وراء البحار، بفضل هذا الزرّ الذي ابتكره المبدعون في مجال التكنولوجيا، لا نعني بهذا الإنتقاص من الصحافة الورقية التي لعبت دورا جليا أيام الإستعمار وفي وقت لم تشهد فيه الشعوب عالم "الرقمنة" وإنما ظهور الصحافة الإلكترونية جاء نتيجة ظروف حتمية .

 فمن جهة مواكبة التطور الذي يشهده العالم على كل المستويات، وتقريب المعلومة من القارئ، ومن جهة أخرى كشف مظاهر الفساد التي تغطيها بعض وسائل الإعلام المكتوبة على مسؤولين وقادة أحزاب محسوبة عليهم، كما ترجع الأسباب إلى التمييز بين الصحافيين، واحتقار الأقلام، دون الحديث عن احتكار النشر، فبعض الصحف تعتبر المراسلين الصحافيين لاعبي احتياط، وتعتمد عليهم في الحالات التي يكون فيها نقص في المادة الإعلامية، وفي ظل التحولات أطلق على الصحافة الإلكترونية اسماء عديدة، ووصفها البعض بالعملاق، لأنها حلقت بعيدا، وأعطت للقارئ العربي مكانته اللائقة به، ومارس أصحابها المهنة بتقنتيات عالية، فكان الإعلام الإلكتروني موردا ومصدرا للمعلومات، فكان من الطبيعي للمسؤولين أن يلتفتوا إليه ويستثمروا فيه، بعدما تراجعت الصحف الورقية في نشر الأخبار، خاصة المحلية منها، فقد نجد الخبر في بعض الصحف الورقية على سبيل المثال لا ينشر إلى بعد مرور أيام أو أكثر، بعدما يكون قد استهلك في الصحف الورقية الأخرى، كما أن بعض الصحف الورقية تعمل على إبراز اقلام دون أخرى وهي بذلك تمارس العنصرية وتسيئ إلى مهنة الصحافة التي ضحى من أجلها الكثير، وواجهوا آلة العنف والإعتقال والإغتيال في سبيل حرية التعبير .

 كما أن الصحف الإلكترونية توفر مساحة واسعة من الحرية، والمتعاون معها يجد نفسه بعيدا كل البعد عن القيود السياسية والبيروقراطية التي تفرضها الصحف الورقية، خاصة وأن هذه الأخيرة لا تولي أهمية لما يرسله مراسلوها من أخبار حتى لو كانت مواكبة للحدث، ومن هنا ظهر ما يسمى بـ: "اللجوء الإعلامي " أو الهجرة الإعلامية" إن صحّ القول، وظهر ما يسمى بالقارئ الرقمي، والمسؤول الرقمي (الوزير والنائب البرلماني والوالي والمير) الذي أصبح يفضل الاطلاع على الأخبار والمعلومات من المواقع الإلكترونية، لما تتمتع به من خصائص فنية وما تتوفر عليه من كم هائل من المعلومات، بل جعلوا من الصحافة الإلكترونية شريكا فعالا في التنمية المحلية، خاصة بعد الإعتراف بها قانونيا، فما يلاحظ اليوم أن لكل ولاية موقعا إلكترونيا وحسابا على موقف الفيسبوك، وأصبح الوُلاّةُ يشيدون بالصحافة الإلكترونية ويذكرونها في كل مناسبة تتعلق بحرية الصحافة، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها او تجاهلها، فالنشر الإلكتروني أصبح الأقرب والأسرع، ليس لكونه لا يكلف شيئاً مقارنة بمصاريف الطباعة والتوزيع ولو أن الصحيفة الإلكترونية لها أعباء مالية أيضا، وإنما بسبب التغيير الكبير الذي أحدثته شبكة الإنترنت في أشكال التواصل، تحول العالم فيها إلى قرية.

 الدليل على ذلك أننا نجد لكل مؤسسة اقتصادية موقع إلكتروني وحساب خاص على مواقع التواصل الإجتماعي، تنشر نشاطها من إعلانات وبيانات وزيارات ميدانية في كل حين ليطلع المواطن على ما يجري حوله، تبقى بعض النقائص يتم تداركها لمواجهة الصحف المكتوبة ومحاربتها للقضاء على الجهوية والمحسوبية في النشر، وإن شهدت الصحف الإلكترونية العربية تقدما ملموسا في مجال الإعلام الرقمي من حيث الإخراج الفني، فالصحف الإلكترونية المغاربية (الجزائر مثلا) فبالرغم من أنها ما تزال في بداية الطريق، فقد كانت تجربة لا باس بها، حيث استطاعت أن تفرض نفسها بقوة وتزاحم الصحف الورقية، بل بدأت تطرق باب الإحترافية وبذلك فهي تحتاج إلى دعم أكثر من أجل الوصول إلى مثيلاتها العربية حتى لا نقول منافستها، وهذا متوقف على دعم الحكومة لها.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم